توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
الاثنين 24 شباط / فبراير 2025
  مصر اليوم -
أخبار عاجلة

عن «جورج طرابيشى» (2 - 2)

  مصر اليوم -

عن «جورج طرابيشى» 2  2

بقلم عمار علي حسن

كان أهم سؤال طرحه «طرابيشى»: «هل العقل العربى الإسلامى قد استقال بفعل عيب ذاتى أم بتأثير خارجى؟»، وكانت إجابته الناصعة هى أن «الآليات التى أدت إلى استقالة العقل وغروبه فى الحضارة هى آليات داخلية نابعة من انكفاء ذاتى ومن انكماش لهذا العقل على نفسه وليس من غزوة خارجية». وهو فى هذا يرد على مسار استغلظ فى تاريخنا الفكرى، يرتكن إلى أن كل ما جرى لنا هو بفعل تآمر الآخر علينا، وهو تصور ازداد غلظة واستحكاماً مع اندلاع الاحتجاجات والانتفاضات والثورات فى بعض البلدان العربية، إذ لم تلتفت السلطة ومثقفوها وإعلامها إلى الحقيقة، بل راحت تعمى عليها لتعزو ما جرى إلى خطط وضعت وراء البحار لتفكيك بلادنا، وليس إلى توحش الفساد، وتجذر الاستبداد، وغياب أى أمل فى الإصلاح السياسى والاجتماعى.

لهذا كان من الطبيعى أن يرى «طرابيشى» أن «كل حديث عن الإصلاح السياسى، مع الإبقاء على المنظومة المعرفية القديمة والمفاهيم التقليدية، إنما هو نقش على ماء»، ففى هذه المنظومة نفسها يسكن المرض، ولا سبيل إلى الشفاء إلا بتفكيكها، والتخلص من أى حمولات ثقيلة بها، تشد إلى الوراء، وطالما نحن نجيب عن أسئلة حاضرنا بمقولات من القرون الغابرة، كانت فى أساسها إجابة عن أسئلة طرحها من عاشوا فى زمان بعيد، فلن نتقدم إلى الأمام، وهذا هو بيت الداء الذى يضع «طرابيشى» يده عليه فيقول: «ثقافتنا هى انغلاق على مفاهيم من عصور سابقة كانت فعالة آنذاك، لكنها اليوم بلا أدنى فعالية، نحن نريد أن نجيب عن أسئلة الأبناء بأجوبة الأجداد».

ويرفض «طرابيشى» أن تقام ديمقراطية شكلية، كما أنه لا يستلب حيال الديمقراطية السياسية باعتبارها الخلاص، ففى الوقت الذى يرى أن «كبرى مشكلات العالم العربى أننا اختصرنا الديمقراطية إلى أحد مظاهرها، وهو صندوق الاقتراع» يطالب بإطلاق الحريات فى الفكر والدين والقيم الاجتماعية، باعتبار هذا هو الأساس الذى تنبنى عليه الديمقراطية السياسية إن كانت هناك إرادة حقيقية فى إقامتها على نحو سليم، وهنا يقول: «مجتمع يريد الديمقراطية فى السياسة ولا يريدها فى الفكر ولا على الأخص فى الدين، هو مجتمع يستسهل الديمقراطية ويختزلها فى آن معاً».

لقد أخلص «طرابيشى» للانفتاح على الحداثة، دون أن ينحى التراث جانباً، إنما طالب بمساءلته دوماً، ونقده طيلة الوقت، عبر استنطاقه بأجوبة جديدة على أسئلة مغايرة لتلك التى طرحها الأقدمون، وصياغته فى إشكاليات معاصرة، تمس ما نعيشه ونكابده من مشكلات، وهذا لن يتم إلا بالاستمرار فى النقد.

وهاجم «طرابيشى» المثقفين العرب ورآهم عصابيين ونكوصيين ومرتدين عن النهضة، وحملهم جزءاً من مسئولية ركود الزمن العربى ليصبح كالقدر المستعصى على التحكم به، وبذا ظل هو، كمثقف مغاير، معنياً طيلة الوقت ببناء حصن إبستمولوجى داخل العقل العربى الإسلامى، ليزيد من مكنته على التفاعل الخلاق مع العالم المعاصر الذى يعلى من قيمة وقامة العقل والأنسنة والتسامح.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن «جورج طرابيشى» 2  2 عن «جورج طرابيشى» 2  2



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon