توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

إلى الرئيس: أيهما أولى «الخرسانة» أم التعليم والإنتاج؟

  مصر اليوم -

إلى الرئيس أيهما أولى «الخرسانة» أم التعليم والإنتاج

بقلم : عمار علي حسن

ضيعت السياسات الراهنة 130 مليار جنيه، على الأقل حتى الآن، فى رمى خرسانة مسلحة فى كل مكان، فلما ظهرت الآثار الفادحة لهذا الخلل والزلل على الاقتصاد الوطنى، وكانت متوقعة لكل ذى عين بصيرة وعقل فهيم، راحوا يحدثوننا بثقة، يُحسدون عليها، عن «فقرنا»، ثم ينقلون هذا إلى الناس عبر أبواق الإعلام المأجور، والمؤلفة جيوبهم، والمشتاقون إلى الكراسى الوثيرة، ويتامى نظام مبارك الذين عرضوا خدماتهم فى التزلف والنفاق على السلطة الجديدة. وإن قلنا لهذه السلطة «التعليم أولا» سخرت وتذرعت بأننا لسنا فى حاجة إلى الإنفاق عليه الآن، وهذا وحده كفيل بإعلان طلاق بائن بين أى وطنى واع وغيور على بلده وبين هذه السلطة التى ينطبق عليها فى قضية التعليم المثل القائل: «فاقد الشىء لا يعطيه»، وبالقطع لا يعيه.

قبل شهور كتبت لأسأل عمن يضع الخطط الاقتصادية لرئيس الجمهورية، وقلت إنه يشعر باكتفاء ذاتى، ولا يسأل أحدا، وإن سأل فهناك دائرة فى مجتمع المال والأعمال يميل إليها. وأشرت إلى واقعة دالة تحدث بها إلىَّ واحد ممن جلسوا ذات يوم ليضعوا برنامجا للمرشح عبدالفتاح السيسى ضمن مجموعة عكفت فى زمن قياسى على إنجاز هذه المهمة، وظن أصحابها أنهم قد فعلوا شيئا لصالح البلاد، فإذا بكل ما كتبوه يساق إلى سلة المهملات، بعد أيام من القهقهات التى تلقوها من رجل أعمال دخل عليهم، ورفع بين أصابعه ما صنعوه، وغرق فى الضحك، ثم أخرج من حقيبته «مشروع جبل الجلالة» وقال لهم: هذا هو البرنامج. يومها سخروا منه وقالوا: لا يمكن للسيسى أن يقبل بما تطرحه. فهز رأسه فى وجوههم وقال: «بكرة نشوف». ولم تمض سوى أيام حتى تم استبعادهم واحتضانه، وها هو مشروعه يمضى، رغم أن مصر لا تحتاج إليه الآن كما لا تحتاج إلى العاصمة الإدارية الجديدة ولم تكن بحاجة ملحة إلى حفر تفريعة للقناة فى سنة واحدة بما ضاعف التكلفة أو شراء حفارين عملاقين بحوالى مليار ونصف يورو ثبت أن البلاد فى استغناء عنهما، وقد يباعان خردة بعد وقت ليس بالبعيد، أو إنفاق كل هذه الأموال على استصلاح 1.5 مليون فدان فى الصحراء الغربية رغم أن احتياطى المياه الجوفية لا يكفى هذا، وذلك فى استعادة لمشروع توشكى الذى أفشلوه، أو تعبيد ورصف كل هذه الطرق، والمشروع الأخير على أهميته مستقبلا لكن لم يكن وقته الآن، وكان من الضرورى أن تستخدم الأموال التى جمعت لمشروع تفريعة القناة، وما قدمته دول الخليج من هبات ومعونات وقروض ميسرة، وما دفعته القوات المسلحة لإطلاق مشروعات إنتاجية تنشط الاقتصاد الوطنى وتقويه، ومن عائداتها يمكن إطلاق هذه المشروعات عالية التكلفة فيما بعد.

تمت إدارة الاقتصاد بالمقلوب، وصمت أذن السلطة عن سماع الرأى الآخر، وزعمت أنها تعرف كل شىء، وقال الرئيس إن الله قد خلقه «طبيبا وفيلسوفا»، وقال فى مؤتمر شرم الشيخ إنه «يعرف مشاكل مصر كما يعرف الذين يجلسون أمامه، ويرى حلولها كما يراهم»، وكانت النتيجة كل هذا التوعك، الذى أدى مع الأيام إلى انهيار الجنيه أمام الدولار، وارتفاع الأسعار، واتساع رقعة الفقر، وعجز الدولة عن إنقاذ الوضع، حتى وصل الأمر إلى شعور الرئيس نفسه بالإحباط، فراح يتحدث عن «شبه الدولة» و«إحنا فقرا قوى» ويطالب الناس بشد الحزام، ويزيد من حجم الجباية والاستدانة، بينما استمرت السلطة فى إسرافها بدليل شراء سيارات مصفحة لرئيس مجلس النواب، رغم توافر مثلها، وشراء صحف وقنوات فضائية وإطلاق أخرى جديدة، واستمرار السياسات المظهرية والاحتفالية التى تكلف خزانة البلاد الكثير.

حين انتهت الحفارات من تجهيز تفريعة القناة، وهو مشروع كنت من معارضى التسرع فى إنشائه، حيث إن التقارير والدراسات الدولية تحدثنا عن انكماش فى التجارة الدولية لسنوات خمس قادمة على الأقل، قال الرئيس: إنها الخطوة الأولى من ألف خطوة. يومها كتبت وقلت: لتكن التسعمائة وتسع وتسعون خطوة القادمة للتعليم، فإن فعلنا هذا بإتقان سنسير مليون خطوة وليس ألف فقط. لكن الوقت يمضى، وفهم أهمية التعليم غائب عن وعى السلطة وإدراكها، بينما تحضر حيرتها فى الإجابة عن أسئلة من قبيل: كيف نجفف منابع الإرهاب؟ كيف نزيد الإنتاج؟ كيف نمكن الشباب؟ كيف نعزز الانصهار الوطنى؟ كيف نقوى السلم الاجتماعى؟ دون أن تفهم أن الإجابة عن كل هذه الأسئلة الجوهرية تبدأ بكلمة واحدة هى: التعليم.

إن أكبر مؤامرة على مصر هى السياسات الفاشلة، وضيق الأفق، وتجريف السياسة، وتضييق المجال العام، والتصورات المتهالكة التى عفا عليها الزمن فى مكافحة الإرهاب. وكل هذا تصنعه السلطة وليست معامل المخابرات فى الغرب.

( 2 )

كتبت أيام حكم مبارك مرات ومرات أقول: إن حرصك الشديد على تفريغ المسرح السياسى من أى بديل لك، عبر استعمال جهاز الأمن والإعلام فى التشويه والتفتيت ولإفقاد الناس الثقة فى أنفسهم، ستكون أنت أول من يدفع ثمن هذا، حين يقوم الشعب عليك ولا تجد من تتفاوض معه، وستعم الفوضى، وهو ما جرى بالفعل. الآن يتكرر الأمر بحذافيره، فيتم تجريف الحياة السياسية، عبر تشويه أى شخص يمكن أن يتردد ولو من قبيل التمنى أنه ينوى الترشح للرئاسة، وضرب الأحزاب السياسية من داخلها ليصيبها العجز المبكر عن صنع سياسات أو توفير شخصيات بديلة، والسيطرة التامة على الإعلام بعد السيطرة على البرلمان، والزج ببعض شباب الطليعة المدنية للثورة فى السجون، وإشاعة ثقافة الخوف، وحصار المجتمع المدنى، والتشكيك فى قدرة المدنيين على الإدارة، وقدرة الشعب على التغيير. يتكرر الأمر، والسلطة تعلم، بل هى التى تدبر هذا، ولا تعنيها العواقب الوخيمة، فالمهم لديها هو إطالة عمر بقائها فى الحكم بأى ثمن، وتحت أى ذريعة، ومصر هى التى تدفع الثمن.

( 3 )

أسعدنى أن تنشر صحف ومواقع إخبارية عربية عدة هذا الخبر: (قالت مجلة الإيكونوميست البريطانية الشهيرة إن «الروائى المصرى البارز عمار على حسن يرى أن الولايات المتحدة الأمريكية لم تعد أرض الأحلام بالنسبة لكثيرين فى ظل رئاسة دونالد ترامب». وفى عددها الأخير أكدت المجلة أن الخطوة التى اتخذها ترامب بفرض قيود على المهاجرين من بلدان عربية وإسلامية يستهجنها المثقفون والأدباء فى هذه البلدان، ويطالبون الإدارة الأمريكية بالعدول عن هذه السياسة. من جهتها نقلت صحيفة نيويورك تايمز عن عمار قوله: «ترامب يعطى دوما الانطباع بأن أمريكا لم تعد البلد الذى كان من قبل، ولم تعد مفتوحة لذوى المهارات من مختلف أنحاء العالم، مثلما كانت فى السابق». وقد نقل كل من موقع «أمريكان سانكر» وصحيفة «سانت جالر- تاجبلات»، الناطقة بالألمانية، ووكالة «برنسا لاتينا» الكوبية- تصريحات عمار، مشيرة إلى حالة الخوف من سياسات ترامب التى تسرى فى نفوس العرب والمسلمين.. انتهى الخبر، لكن ملاحظاتى عليه هى: لولا أن تصريحى هذا يتوافق مع وجهة نظر قطاع عريض فى الغرب يرى فى ترامب خطرا شديدا ما كان يمكن لهذا التصريح أن يرى النور، وبهذا الاتساع والاهتمام. فى زمن سابق بح صوتى وغيرى فى تحذير الغرب من احتضان التنظيمات المتطرفة وتوظيفه للإرهاب فى خدمة مصالحه، وفى انتقاد الاستبداد والفساد فى بلادنا، لكن أصواتنا ضاعت فى البرية لأن الغرب كان لا يقدر خطر الإرهاب طالما لم يحرق أصابعه بعد، وكان يتفاهم مع المستبدين والفاسدين فى بلادنا لأنهم يحققون له مصالحه.

( 4 )

سيقول المؤرخون بكل ثقة واطمئنان إن البرلمان الحالى هو الأسوأ فى تاريخ مصر، تكفى مقارنة رئيسه بسابقيه، فى كل شىء: الحديث والتصرفات والهيبة ومجاراة الرئيس وممالأته، والانشغال بمصالح الشعب، ورسم صورة لمصر أمام العالم. أما الأغلبية الكاسحة من الأعضاء فحدث، ولا حرج، عن مستوى أدائهم، وقل ما قاله مالك فى الخمر، وما يقوله إعلام السلطة فى جماعة الإخوان.

( 5 )

من المهم أن نختلف فى السياسة والفكر، لأن فى هذا إثراء لحياتنا وحماية لحقوقنا، لكن من الواجب أن نتوحد فى مواجهة الإرهابيين، الذين يقصدون بلدنا بسوء، فهذا هو السلاح الأقوى فى مواجهة مآربهم الجهنمية، ومخططاتهم الشيطانية، كى ينتصر الشعب المصرى عليهم نصرا عزيزا مؤزرا.

GMT 01:59 2017 الثلاثاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

جريمة اغتصاب بقوة القانون!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إلى الرئيس أيهما أولى «الخرسانة» أم التعليم والإنتاج إلى الرئيس أيهما أولى «الخرسانة» أم التعليم والإنتاج



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon