توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ليس للفقراء سوى «كلام معسول» يتبعه أذى

  مصر اليوم -

ليس للفقراء سوى «كلام معسول» يتبعه أذى

بقلم - عمار علي حسن

منذ أن تفتحت أذهاننا على السياسة، متابعة واهتماما وفكرا وممارسة، ونحن نسمع عن الجهد الذى تبذله الدولة فى سبيل تحسين أحوال «محدودى الدخل» و«الانحياز للفقراء» و«محاربة الفقر». وكان الاصطلاح الأخير يثير فى مخيلاتنا صورا، بعضها يجعلنا ننفجر ضاحكين فيما بعد، حين نسترد عقولنا الشاردة، ونمعن النظر فيما تخيلناه، ونخضعه للتفكير المنطقى. فقد كنا نتصور أن أفراد السلطة، أو أهل الحكم، يصطفون فى صرامة وحزم بعد أن ارتدوا لباس القتال، يمسكون فى أيديهم سيوفا أو بنادق، ويهجمون على أشباح شريرة تسمى الفقر، فيردونها قتلى، فتضج لهم الساحات بالتصفيق والتهليل، وتزغرد النساء فى النوافد انبهارا بالنصر المبين. كنا نمارس فى تصوراتنا هذه ألعابا خيالية، لا تبتعد كثيرا عن المجاز الساكن فى تعبير «محاربة الفقر»، الذى لا تكف السلطات المتعاقبة عن الإتيان على ذكره، بينما الحقيقة تمضى فى الاتجاه المناقض تماما، إذ يزداد الأثرياء ثراء والفقراء فقرا.

وهنا يقول الكاتب الصحفى الأستاذ رفعت رشاد فى صفحته الشخصية على «فيسبوك»: «أمضيت ربع قرن من حياتى الصحفية كمحرر برلمانى لا أسمع إلا كلاما معسولا عن رعاية الفقراء. ومضت ست سنوات أخرى لى خارج هذه المهمة، والحال لم تتبدل». وهذه الشهادة الميدانية تعززها دراسات علمية لافتة حول الفقر والفقراء، كان من بين الذين أعدوها وقدموها لنا، وهم فى عطف وحدب على الفقراء والمساكين والمعوزين والمشردين، هو الأستاذ الدكتور صلاح هاشم الذى يرى أن قضية الفقر قادرة على أن تصنع طيلة الوقت موضوعات متجددة غارقة فى الأسى، حيث يقول فى مقدمة كتابه «الفقراء الجدد»: «ظننت فى كل دراسة بحثية أجريتها أننى وفيت تلك القضايا حقها، ولكن يبدو أن قضايا الفقراء باتت مرضا عنكبوتيا أو سرطانيا متشعبا، لا يمكن وصفه أو الحديث عنه فى كتاب واحد، أو دراسة بحثية واحدة». وأمام هذا التجدد، الذى تحمل معه قضية الفقر حججها القوية، لا يكون بمقدور السلطة المسرعة صوب اليمين أن تتجاهل مطالب الفقراء، الذين تضاف إليهم مع مطلع شمس كل يوم جديد أعداد غفيرة، وتستعر فى نفوسهم النزعة إلى التمرد والاحتجاج. ونظرا لأن قدرة السلطة على الاستجابة لهذه المطالب تتراخى وتتراجع مع استشراء الفساد وضعف الموارد والإمكانيات أو الإصرار على سياسة الانحياز إلى الأثرياء ومن يتبعونهم، فإن من بيدهم القرار يكون أمامهم خياران: إما مصارحة الفقراء بأن أوضاعهم ستزداد سوءا لأن السلطة عاجزة عن حل مشكلاتهم، أو إظهار التعاطف معهم، وإحياء الأمل فى نفوسهم بأن ما هم فيه من بؤس إلى زوال، ولو بعد حين، وهنا يستيقظ «المجاز السياسى» وتلتهب الاستعارات والتشبيهات والكنايات، لتساعد من يخاطبون الفقراء على إقناعهم، أو على الأقل كسب ودهم مؤقتا، إما لأنها بحاجة إلى تعبئتهم فى الانتخابات، التى يتم استغلال بعض المرشحين فيها الفقر فى شراء أصوات، أو لاتقاء غضبهم العارم، الذى إن انفجر، لا يبقى ولا يذر، وهو أمر غير مستبعد فى الحالة المصرية كما ينبئنا صلاح هاشم فى كتابه «ثورات الجياع.. قراءة سوسيولوجية فى التاريخ المصرى».

وهناك وجهتا نظر حول الفقر تستقران، من دون شك، فى أذهان كثيرين ممن يجلسون فى كراسى الحكم، الأولى هى تلك التى كان يعتقد فيها «هنرى مايو» وهو يصف المهمشمين فى لندن بأنهم «سلالة ضيقة الأفق، بارزة الأشداق، سليطة اللسان، تكره العمل المنتظم، ولا تدخر شيئا للمستقبل سوى كراهية الأغنياء، ولا تتحسب عواقب تصرفاتها، ولا تتصور أن من لا يعمل بوسعه أن يتسول أو يثور»، والثانية هى التى يرد بها صلاح هاشم على «مايو» فيتعامل مع الفقراء على أنهم «عامة الشعب الذين لا يختلفون عن ملاك المال والسلطة سوى فى جودة الحياة»، وهو تصور حقيقى وإنسانى ينجو من النظرات المتعصبة الضيقة، التى تجافى العلم والأخلاق، وتتوهم أن الفقراء صنف آخر من البشر، لا يجب التعاطف معهم، إنما إلقاؤهم بين شقى رحى مجاز آخر يسمى «الإصلاح الاقتصادى»، يطحنهم بلا هوادة ولا تحسب ولا ورع.

نقلا عن المصري اليوم 

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

GMT 01:13 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

التوافق ينتصر للسودان .. والمعركة مستمرة

GMT 01:12 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

مصر الفيدرالية

GMT 01:06 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

فاتورة الحرب.. مدفوعة مقدمًا!

GMT 05:30 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

مشاكل ترامب أمام القضاء الأميركي

GMT 05:29 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

من مفكرة الأسبوع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ليس للفقراء سوى «كلام معسول» يتبعه أذى ليس للفقراء سوى «كلام معسول» يتبعه أذى



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية

GMT 12:20 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

طلائع الجيش يبحث عن مهاجم سوبر فى دوري المظاليم

GMT 15:09 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

فان ديك يحصد لقب أفضل لاعب بنهائي دوري الأبطال

GMT 15:15 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مشروع "كلمة" للترجمة يصدر "كوكب في حصاة"

GMT 20:20 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

صدور رواية "الطفلة سوريا" لعز الدين الدوماني
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon