توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

..وفيض من «بلاغة المقموعين»

  مصر اليوم -

وفيض من «بلاغة المقموعين»

بقلم - عمار علي حسن

(1)

يستوقفنى كثيرون فى الشارع سائلين عن الحال والمآل. بعضهم يطلب إلىّ أن أكتب لأصف بؤس أحوالهم. أنصت إليهم مليا فى شفقة، وأتعجب مما أسمعه منهم، فرغم كل ما جرى من غسل للأدمغة وزعزعة للنفوس، لا يزال الناس فى بلادى يثقون بأن الكلمة المنطوقة أو المكتوبة لها تأثير، إن لم يكن فيمن بأيديهم القرار ففى عموم الشعب الذى يكره الخرس والظلام، ولا يكف عن طلب المعرفة والنور والحرية والكرامة.

(2)

ليس من الحصافة أن يتصور أهل الحكم أن رأى الناس فيهم وموقفهم منهم ثابت لا يتغير، فالرأى العام فى أى بلد متقلب غير مستقر على حال، بل قد ينتقل من النقيض إلى النقيض، فتتحول الثقة لديه إلى شك عارم، والحب إلى كره جارف، والاطمئنان إلى قلق كبير، وهنا يصبح الناس منجذبين إلى كل الخيارات، لاسيما إن تساوت لديهم كل الأمور والحالات، ولم يبق لهم شىء يخافون عليه، أو يخشون منه، أو أدركوا أن عاقبة الجبن والتردد أوخم من عاقبة الشجاعة والإقدام.

(3)

أجد بعض تفسير للسخط الذى تطفح به مواقع التواصل الاجتماعى فى دراسة مهمة للدكتور جابر عصفور، هى «بلاغة المقموعين»، والتى يحلل فيها خطابا أنتجته المجموعات الهامشية التى لعبت دور معارضة سلطة الدولة، بدءا بالأمويين، وانتهاء بالدول المتأخرة التى صحبت انهيار الحضارة العربية، وتبدأ بالمعتزلة وبعض طوائف الشعية، والتنويرين المتمردين من طائفة الكتاب، والذين لقى بعضهم حتفهم بيد السلطة بدءًا بعبد الله بن المقفع ومن تبعه على هذا الدرب المؤلم من الفلاسفة والمتصوفة، الذين كان لديهم اعتراض على النقليين من أهل الأثر، وبالتبعية الاعتراض على السلطة التى كانت تدعم هذا الاتجاه.

ورغم أن الدراسة تتحدث عن زمن آخر، فإنها تعطى عمقا للنظر فيما يجرى الآن، وتبين فى كل الأحوال أن مكابدة الاستبداد فى حياة الشعوب العربية عمرها قرون، وبذا فإن الخروج منه يحتاج إلى نضال شاق، وجهد منظم، وأفكار إبداعية.

(4)

لا يمكن لعاقل أن يقتنع بأن الخروج من ضيق الحالى إلى براح الآتى سيتحقق بينما لا تزال المبانى تتقدم على المعانى، والحجر يتقدم على البشر. فالتاريخ علمنا أن عهود الانحطاط كانت هى العصر الذهبى للرخام.

(5)

ركل الشرطى بقدمه مشنة الليمون الناضر لعجوز تقف على طرف السوق، فتدحرج تحت أقدام العابرين. صرخت بكل ما أوتيت من قوة، وراحت فى نوبة بكاء طويل. جاء الناس مسرعين إليها، ودس كل واحد منهم يده فى جيبه وأخرج ما يقدر على مساعدتها به.

بعد أن مضوا جلست تعد ما تراكم فى جيبها، فجفت دموعها، وانبسط وجهها المنقبض، وسرت فى شرايينها دفقات عارمة من السرور.

جاءت فى اليوم التالى بليمونها، ووقفت فى مكانها المعتاد، تقلب عينيها يمينًا ويسارًا بحثًا عن أى شرطى ظلوم.

(6)

قابلت رجلا أسمر طويلًا، يجرى فى شارع عريض وفى يده إصيص مملوء بالدم، تنبت فيه شجيرة ذابلة، تهتز فتتساقط أوراقها تحت قدميه.

كان هناك أناس أبصارهم زائغة، وألسنتهم مشققة من كثرة الكذب، يتجمعون خائفين مفسحين له الطريق. حين اقترب منهم صرخ فيهم:

ـ هذه نهايتكم.

لاذوا بصمت طويل، بعد نُواح رجّ المكان، ثم لم يلبث أن نطق أحدهم:

لن نغادر ولو امتلأت كل قوارير البلد بالدم والنار.

فجأة غابت الشمس خلف سرب من الغربان راح يحوم حول الرؤوس المثقلة بعبء النهاية المفجعة.

نقلا عن المصري اليوم 

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

GMT 01:13 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

التوافق ينتصر للسودان .. والمعركة مستمرة

GMT 01:12 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

مصر الفيدرالية

GMT 01:06 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

فاتورة الحرب.. مدفوعة مقدمًا!

GMT 05:30 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

مشاكل ترامب أمام القضاء الأميركي

GMT 05:29 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

من مفكرة الأسبوع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

وفيض من «بلاغة المقموعين» وفيض من «بلاغة المقموعين»



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية

GMT 12:20 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

طلائع الجيش يبحث عن مهاجم سوبر فى دوري المظاليم

GMT 15:09 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

فان ديك يحصد لقب أفضل لاعب بنهائي دوري الأبطال

GMT 15:15 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مشروع "كلمة" للترجمة يصدر "كوكب في حصاة"

GMT 20:20 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

صدور رواية "الطفلة سوريا" لعز الدين الدوماني
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon