د. وحيد عبدالمجيد
تمر بعد أيام قليلة الذكرى الأولى لإصدار الدستور الحالى «المرفوع من الخدمة» حتى الآن. فلم يكف من تطلعوا طويلاً إلى دستور يحمى الحقوق والحريات ويفرض قدراً معقولاً من العدالة الاجتماعية عن السؤال عن هذا الدستور وسبب تعطيله فعلياً حتى اليوم.
وبينما يظل الجواب غائباً، ويبقى المكان المحفوظ فيه هذا الدستور مجهولاً، يفاجئنا أحد الوزراء بتفعيل ما ورد فى دستور 2012 الذى فرضه «الإخوان» والسلفيون عن أجور العمال. فقد أعلن وزير الاستثمار ما أسماه «تفعيل آلية ربط الأجر بالإنتاج وتحقيق الأرباح» المنصوص عليها فى المادة 14 من «دستور الإخوان»، والتى أُلغيت فى الدستور الحالى لما تنطوى عليه من ظلم بَّين فضلاً عن مخالفتها العقل البسيط.
ورغم أن اتجاه الدستور الحالى ليس تقدمياً إلى الحد الذى يربط الأجور بالأسعار، فقد خلا على الأقل من ربطها العبثى بالإنتاج والذى كان أحد أسباب رفضنا «دستور الإخوان». فأول ما يؤدى إليه ربط الأجر بالإنتاج فى 125 شركة تابعة لقطاع الأعمال العام هو تخفيض أجور العاملين فى معظمها، وهى أجور هزيلة أصلا، أو على الأقل تجميدها عند مستوياتها الراهنة بحجة أنها شركات خاسرة.
ويعود الظلم هنا إلى عدم مسئولية العاملين عن خسائر الشركات أو عدم تحقيقها أرباحاً. فتقع هذه المسئولية على مجالس الإدارات التى تدهورت أوضاع الشركات بسبب سوء إدارتها وفساد بعضها، وعلى وزارة الاستثمار التى لا يدرك الوزير الذى يتولاها الآن أنه مع سابقيه يستحقون المحاسبة على هذا التدهور.
فترجع خسائر كثير من شركات قطاع الأعمال العام إلى الإهمال والاستهانة وعدم تجديد بعض خطوط الإنتاج، فضلاً عن عدم توفير الخامات لكى تعمل هذه الشركات بكامل طاقاتها. وتعد شركة مصر للغزل والنسيج (غزل المحلة) نموذجاً صارخاً لهذا العبث، حيث يطالب العمال منذ سنوات بحل المشاكل التى تحول دون تشغيلها بطاقاتها الكاملة.
وربما لا يعلم وزير الاستثمار أن العمال الذين يريد ربط أجورهم بالإنتاج يصابون ويمرضون فى بعض الشركات بسبب تهالك معداتها, أوعدم توفير الصيانة الدورية، أوغياب أبسط معايير السلامة المهنية.
فليتحمل الوزير مسئوليته أولا عن اصلاح أوضاع شركات قطاع الأعمال, وليلتزم بالمادة 27 من دستورنا الحالى، بدلاً من المادة 14 فى «دستور الإخوان».