د. وحيد عبدالمجيد
يُعد قرار تخصيص عشرة مليارات دولار للتنمية ومواجهة الإرهاب فى سيناء خطوة على الطريق الصحيح.
فالتنمية ومواجهة الإرهاب ليستا مسألتين متوازيتين أو حتى متكاملتين، بل مسألة واحدة تنطوى على وسيلة لتحقيق هدف. فلا طريق لمواجهة فاعلة ضد الارهاب الا التنمية.
ولذلك تتوقف فاعلية هذا القرار على ارتباطه بخطة محددة وواقعية للتنمية فى سيناء تعتمد على رؤية جديدة خارج الصندوق القديم الذى غرقت فيه قرارات كثيرة من هذا النوع على مدى أكثر من عقدين، ودون تشكيل لجان جديدة أو استحداث أجهزة بيروقراطية من نوع جهاز تنمية سيناء الذى مازال قائما. ولا يقل أهمية أن يكون لهذه الخطة شقان أحدهما عاجل جدا يتم تنفيذه خلال شهور وليست سنوات.
ويتمثل الشق العاجل فى إقامة منظومة متكاملة من المشاريع الصغيرة والمتوسطة وتوفير المقومات اللازمة لنجاحها، اعتمادا على موارد سيناء وخيراتها التى تُهدر لعدم الاستفادة بها. فإقامة عشرة آلاف مشروع صغير أسرع وأكثر فاعلية وأقل تكلفة من عشرات المشاريع الكبيرة التى تدخل ضمن الشق الآجل فى العملية التنموية.
فلا نحتاج إلى أكثر من شهور قليلة لإقامة عدد هائل من المشاريع الصغيرة لعصر زيتون سيناء الذى يُعتبر أكثر أنواع الزيتون جودة فى العالم، ولتعبئة التمر الذى تُهدر كميات ضخمة منه كل عام، وتجفيف الفواكه التى تتميز بها هذه المنطقة، وتحويل جريد الأشجار والنخيل إلى منتجات خشبية متعددة ومتنوعة، وغير ذلك كثير مما تزخر به هذه المنطقة من إمكانات.
وكل ما هو مطلوب خطة لهذه المشاريع تشمل الإجراءات اللازمة للربط بينها لضمان نجاحها، وحل المشكلات التى تواجهها فى بدايتها، وتوفير وسائل نقل منتجاتها إلى محافظات مصر الأخرى.
ويمكن لهذه التنمية المعتمدة على المشاريع الصغيرة أن تضع أساسا لتغيير وجه الحياة فى سيناء، وإعادة تشكيل بنيتها المجتمعية لتصبح طاردة للإرهاب وليست حاضنة له. وهذا هو السبيل إلى مواجهة حاسمة ضد الإرهاب عبر تجفيف ينابيعه. فمن أصعب الأمور أن تحارب السمك وهو فى الماء. ولذلك ينبغى تجفيف هذا الماء الذى يختبئ فيه «سمك الإرهاب»، لكى لا نظل نحرث فى البحر.