توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الأبعاد الفكرية لانقسام الحزب الديمقراطي الاجتماعي

  مصر اليوم -

الأبعاد الفكرية لانقسام الحزب الديمقراطي الاجتماعي

وحيد عبد المجيد

قليلة هى الأحزاب السياسية المصرية التى لم يحدث خلاف فى داخلها بشأن موقفها تجاه الانتخابات الرئاسية. وهذا خلاف طبيعى فى أى حزب طبيعى، لأن الكثير من الأحزاب المصرية لا تعتبر كذلك. فالحزب فى عصرنا هذا ينطوى على تنوع فى داخله بمقدار ما تكون لديه توجهات محددة وعضوية معقولة.
لقد انتهى زمن كان فيه الحزب موحّدا. فعندما ظهرت الأحزاب السياسية كان العالم يمر بمرحلة الثورة الصناعية الأولى. فكان الحزب هو المقابل فى النظام السياسى للصناعة فى النظام الاقتصادى. ولما كانت الصناعة فى أبسط تعريف لها فى ذلك العصر (عصر الصناعة التقليدية) تعتبر خط إنتاج سلع معينة، فقد ظهر الحزب باعتباره خط إنتاج سياسة محددة. فكان سهلاً إلزام الأعضاء بهذه السياسة التى ينتجها.
غير أن هذا النوع من الأحزاب أخذ يتراجع بانقضاء عصره، وانتهى تقريباً فى عصر صناعة المعرفة وما يقترن بها من ثورة اتصالات هائلة تجعل كل فرد على الشبكة العنكبوتية كما لو أنه حزب قائم بذاته. ولم يعد ممكناً أن تجد حزباً يُدار بطريقة مركزية صارمة إلا على سبيل الاستثناء الذى يكاد أن يقتصر على الأحزاب والجماعات ذات الطبيعة الفاشية. ولذلك فمن الطبيعى أن يحدث خلاف فى داخل أى حزب طبيعى ينتمى إلى عصرنا الراهن على قضايا مثيرة للجدل بطابعها. ولكنه يتفاوت فى حجمه وفيما يقود إليه من تداعيات بين حزب وآخر.
وتفيد أى نظرة مقارنة فى هذا المجال أن الحزب المصرى الديمقراطى الاجتماعى يشهد أكبر قدر من الخلاف الذى تسعى قيادته إلى إدارته بطريقة ديمقراطية حديثة. فلم يكن القرار الذى تم اتخاذه، وهو الامتناع عن دعم أى من المرشحين للرئاسة، كافياً لوضع حد للخلاف الذى مازال يتفاعل حتى الآن على نحو يثير قلق بعض قادته وأعضائه.
غير أن خلافاً من هذا النوع لا ينبغى أن يثير قلقاً لأنه دليل صحة ومؤشر على وجود حيوية ينبغى الحفاظ عليها عبر حوار جاد يهدف إلى دعم الفهم المتبادل وليس إلى اقتناع أحد الفريقين برأى آخر.
وينطوى هذا الخلاف فى أحد جوانبه وليس كلها بطبيعة الحال على اختلاف فكرى ربما لا يدرك كثير من المنغمسين فيه أبعاده. فلم يحظ البعد الفكرى فى الخلاف، وهو ليس البعد الوحيد بطبيعة الحال، باهتمام يُذكر. فالديمقراطية الاجتماعية التى يُفترض أنها تجمع أعضاء الحزب هى بمثابة مظلة عريضة يوجد تحتها اتجاهان مختلفان دون وعى بطبيعة هذا الاختلاف بسبب ضآلة الاهتمام بالأفكار فى الأحزاب المصرية باستثناءات قليلة مثل حزب العدل الذى يعبر عن اتجاه ليبرالى اجتماعى.
ولذلك ربما يكون الخلاف الراهن فى الحزب الديمقراطى الاجتماعى مناسبة تتيح تحديد بعده الفكرى بين اتجاهين هما الاتجاه الديمقراطى الاشتراكى والاتجاه الليبرالى الاجتماعى. فالديمقراطية الاجتماعية التى يعبر عنها هذا الحزب تتسع لهذين الاتجاهين اللذين يتفقان فى كثير من توجهاتهما رغم اختلافهما المبدئى حيث ينتمى كل منهما إلى عائلة من «العائلتين» الرئيسيتين اللتين ينقسم إليهما الفكر الإنسانى الحديث وهما- بشىء من التبسيط- عائلة الخلاص وعائلة الحرية.
فأما الأولى فقد ارتبطت بالبحث عن خلاص البشر من مشاكلهم عبر الانتصار لقضية كبرى (دينية أو وطنية أو قومية أو طبقية)، أو من خلال الرهان على شخص تتجسد فيه هذه القضية ويبدو قادراً على تحقيق ذلك الخلاص.
وأما العائلة الثانية فى الفكر الإنسانى فهى تنطلق من قدرة البشر على حل مشاكلهم وتحسين شروط حياتهم عندما يمتلكون حريتهم ويحررون عقولهم.
وهذا اختلاف جوهرى فى مقوماته الفلسفية والفكرية، ولكنه يضيق بين قليل من فروع «العائلتين» وخاصة بين الاتجاه الديمقراطى الاشتراكى الذى تعود أصوله الأولى إلى أيديولوجية خلاصية هى الماركسية، والاتجاه الليبرالى الاجتماعى الذى يمثل أحد التيارات المنبثقة عن المكون الرئيسى لعائلة الحرية وهو الليبرالية.
ويقدم الحزب المصرى الديمقراطى نموذجاً جيداً للجمع بين هذين الاتجاهين، اللذين يضم كل منهما بدوره أكثر من توجه فى إطار الديمقراطية الاجتماعية التى لم نجد تعبيراً عنها فى مصر قبل تأسيس هذا الحزب. فليت أعضاءه المختلفين على الانتخابات الرئاسية يدركون أنهم يقدمون تجربة بالغة الأهمية سيكون لها أثر بالغ فى التطور الفكرى للأحزاب المصرية إذا حافظوا عليها.

 

GMT 05:50 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

هل لديك الشجاعة؟!

GMT 05:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

الأدوات السياسية

GMT 05:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

كيف نتصدى لإيران في الخليج؟

GMT 05:31 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"الممر"

GMT 05:28 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عيون وآذان (إسرائيل تتآمر على ما بقي من فلسطين)

GMT 02:12 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

«صاحبة الجلالة» ليست دائماً بريئة!

GMT 02:05 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرجيلة «حزب الله» وجمر إيران!

GMT 01:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

شرعية الإنجاز

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأبعاد الفكرية لانقسام الحزب الديمقراطي الاجتماعي الأبعاد الفكرية لانقسام الحزب الديمقراطي الاجتماعي



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon