د. وحيد عبدالمجيد
رغم أن العبارة المأثورة «بأية حال .. عدت يا عيد» تصح فى مختلف الأعياد حين تسود الكراهية مجتمعاً فتجرفه نحو العنف والانتقام، فهى تنطبق بصفة خاصة على عيد الحب الذى يحتفل به العالم اليوم «الفالنتاين».
فهو يأتى هذا العام وقد بلغت الكراهية فى مجتمعنا مبلغاً لا سابق له منذ قرنين على الأقل، بعد أن أنتج الصراع السياسى انقساماً مجتمعياً مركَّباً متعدد المستويات، وصار الآخر مرفوضاً أياً كانت درجة الخلاف معه، وأصبحت الدعوات المتبادلة إلى القتل وسفك الدماء شائعة فى ظل توسع مخيف فى حالة مشوهة فقد الموت فى ظلها جلاله وصار التعامل مع الجثث روتيناً يومياً.
ومع ذلك، يجئ «الفالنتاين» ليُذَّكرنا بشعور يموت فى داخلنا يوماً بعد يوم، بعد أن أصبحت أخبار القتل متواصلة بلا توقف. فقد ملأت متاجر كثيرة واجهات العرض فيها بالهدايا الرمزية المعبرة عن هذه المناسبة. كما استعدت محلات بيع الزهور بأكبر عدد من الورود الحمراء التى يتبادلها المحبون والمحبات فى هذه المناسبة.
وقد لا تبور هذه البضاعة اليوم، وربما يحقق بائعوها الأرباح التى يتطلعون إليها، ولكن دون أن يعنى ذلك تغييراً أو بداية تغيير فى حالة الكراهية السائدة فى المجتمع.
فليس غريباً أن يفصل كثير من الناس بين مشاعرهم تجاه من يحبونهم، ومن يكرهونهم، وبالتالى يعبرون عن حبهم الخاص فى الوقت الذى تمتلئ قلوبهم بكراهية من يختلفون معه على المستوى العام. ويدلنا التاريخ على حالات تبدو مدهشة لأشخاص حملوا كراهية الدنيا كلها ضد من اختفلوا معهم، فى الوقت الذى كانت عواطفهم متدفقة تجاه نساء أحبوهن، أو رجال أحبوهم.
ومن بين هؤلاء زعماء يُعد القائد النازى أدولف هتلر أشهرهم فى هذا المجال. فهذا الذى شن حروباً بالجملة وقتل مئات الآلاف من شعبه، وأشعل حرباً عالمية راح ضحيتها أكثر من 50 مليوناً من البشر، كان محباً لعشيقته إيفا براون، إلى حد أنه لم يشأ أن يغادر الدنيا معها إلا وهما زوجان.
كانت إيفا معه فى مركز القيادة عندما تأكدت هزيمة «الرايخ الثالث» وأطبق الجيش السوفيتى على برلين. رفضت هى أن تتركه وتهرب، عندما فضل الانتحار على الاستسلام أو محاولة الهرب. فكان أن تزوجا فى 29 ابريل 1945، وانتحرا معاً فى اليوم التالى بالسم، بعد أن أوصيا بحرق جثتيهما حتى لا يجد الأعداء أثراً لهما.