بقلم د. وحيد عبدالمجيد
تثير التقديرات المتعارضة للطريقة التى استُخدمت فى عملية تطوير كوبرى قصر النيل وترميمه قلقاً بشأن حقيقة ما حدث لهذا الجسر الذى يُعد أحد أهم معالم القاهرة الحديثة. ولذلك أصبح ضرورياً تشكيل لجنة فنية هندسية متخصصة ومستقلة من شخصيات مشهود لها بالخبرة فى هذا المجال، على أن تضم فى عضويتها بعض من أبدوا ملاحظات نقدية على منهجية التطوير، وتحدثوا عن آثار سلبية ستتركها سواء فى بعض معالم الكوبرى الأساسية، أو فى هيكله الإنشائى، أو فى طريقة التعامل مع فواصله المصممة بأسلوب يُسَّهل فتحه عند مرور سفن أكثر ارتفاعاً منه.
ولا يصح أن نستهين بهذه التقديرات النقدية. فالقيمة التاريخية للكوبرى تفرض على الجهة المسئولة عن عملية تطويره، وهى محافظة القاهرة، أن تأخذ ما سمعناه عن أخطاء فيها مأخذ الجد، وتُشَّكل لجنة لا هدف لأعضائها سوى الوصول إلى الحقيقة لكى نتأكد من أن هذا التطوير لم يُحدث تشوهات أو أضراراً، أو نتمكن من إنقاذ الموقف قبل أن ينتهى العمل فيه.
وهذا حق لمحافظة القاهرة قبل أن يكون واجباً عليها، حتى إذا كان أحد البنوك تكفل بتكلفة عملية التطوير، وحتى إذا كانت شركة مقاولات كبيرة هى التى تولت التنفيذ.
ورغم أننا نتحدث عن كوبرى صغير لا يزيد طوله على 406 أمتار، وعرضه على عشرة أمتار ونصف المتر فهو مُصَّمم بعناية فائقة ودقة شديدة حيث استغرق العمل فيه أكثر من عامين من 1869 حتى افتتاحه فى 10 فبراير 1872. ولذلك ينبغى أن تكون العناية والدقة فى عملية تطويره على المستوى نفسه.
ولا يصح أن يقل هذا التطوير عما حدث فى سابقه عام 1931. فقد نجح من قاموا بتطويره وصيانته قبل 85 عاماً فى المحافظة على معماره وهيكله وطابعه الفنى والجمالى، وأضافوا إليه المنارتين اللتين يوجد على رأس كل منهما مصباح عند مدخليه. فقد أُجريت وقتها دراسة علمية لتحديد أفضل طريقة لبناء هاتين المنارتين المصنوعتين من الجرانيت.
ودلالة هذه المقارنة أننا فى أشد الحاجة لأن نضع على جدول أعمالنا البحث جدياً فى العوامل التى أدت إلى هذا الفرق بين ما كنا فيه وما أصبحنا عليه.