توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
الأربعاء 19 شباط / فبراير 2025
  مصر اليوم -
أخبار عاجلة

ضحالة أميركية وضيق أفق روسي

  مصر اليوم -

ضحالة أميركية وضيق أفق روسي

بقلم : د. وحيد عبدالمجيد

 تبدو السياسة الروسية في الشرق الأوسط أكثر احترافاً ومهنية مقارنة بالسياسة الأميركية في الوقت الراهن. وهذا فرق يجدر الانتباه إليه في تفسير التغير الذي حدث في ميزان النفوذ بين واشنطن وموسكو، وفي كيفية تعاطيهما مع مستنقعات الشرق الأوسط.

استعاد الروس مساحات خسروها في فترات سابقة، وأضافوا إليها. وخسر الأميركيون بعض مساحات نفوذهم الذي غطى المنطقة كلها إلا قليلاً حتى سنوات قليلة مضت.

لم يحسم هذا الفرق التنافس لمصلحة موسكو، ولا يبدو أنه سيفعل في أي مدى منظور، لأن ضيق أفق صانعي سياستها يحسم من أرصدة تفوقها المهني، كما ظهر واضحاً في الإعداد لمؤتمر سوتشي، وفي طريقة إدارته. ضحالة السياسة الأميركية، إذاً، تُمكّن موسكو من إمساك مفاصل الأزمة السورية، ولكنها لا تكفي لوضع أسس حل سياسي. يعرف مسؤولون روس عن هذه الأزمة أكثر من نظرائهم الأميركيين الذين يُظهر خطابهم ضحالة وسطحية. أية مقارنة بين تصريحات الرئيسين بوتين وترامب، أو وزيري الخارجية لافروف وتيلرسون، تدل على ذلك.

بدأ هذا الفرق في الظهور قبل أن يتولى ترامب الرئاسة في مطلع العام الماضي. لكنه توسع في العام الأخير. ازدادت المسافة بين أداء البيت الأبيض والكرملين، وتوسعت الفجوة بينهما بفعل الارتباك الداخلي الذي أحدثه ترامب في مؤسسات صنع القرار، وليس في المجتمع فقط. غادر كثير من أصحاب الكفاءات مواقعهم في وزارات عدة، ومن بينها وزارة الخارجية التي لا يزال عدد كبير من وظائفها شاغراً.

وكثيرة الدلائل على ضحالة السياسة الخارجية الأميركية إلى حد يبدو صانعوها هواةً غير ملمين بكل ما ينبغي أن يعرفوه في الأزمة السورية خصوصاً، وأزمات المنطقة عموماً، ومترددين لا يعرفون في بعض الحالات كيف يتصرفون، ومتناقضين في ما بينهم حيناً، وفي مواقف هذا أو ذاك منهم حيناً آخر.

غير أن إعلان المتحدث باسم التحالف الدولي ريان ديلون في 14 الشهر الماضي البدء بإنشاء قوة حدودية قوامها ثلاثون ألف مقاتل غالبيتهم من الأكراد، لترابط في منطقة بين سورية وتركيا والعراق، يبدو نموذجاً يمكن أن يتعلم طلاب العلاقات الدولية منه التمييز بين الهواية والاحتراف. يعرف الجميع أن واشنطن تدير التحالف الدولي وتحدد اتجاهاته، وأن ما يصدر عن المتحدث باسمه محسوب عليها.

أعطت تصريحات ديلون تركيا ذريعة كانت تتمنى مثلها لشن عملية عسكرية ظلت مترددة في شأنها منذ إطلاق عملية «درع الفرات» في آب (أغسطس) 2016. وتأخرت محاولة تيلرسون لتدارك ما أعلنه ديلون أربعة أيام كانت أنقرة قد استغلتها لتحضير الأجواء اللازمة للعملية العسكرية. كما أن نفي تيلرسون لم يكن واضحاً، إذ قال إن تصريح ديلون لم يُنقل بطريقة ملائمة، وعبر عن أسفه لأن هذا التصريح خلق انطباعاً خاطئاً.

وكان تيلرسون شخصياً استفز روسيا قبل ذاك بأيام حين تحدث في جامعة ستانفورد (7 الشهر الماضي) عن أهداف واشنطن الخمسة في سورية. قال تيلرسون كلاماً يليق بمكانة الولايات المتحدة، ولكن ليس بعد أن فقدت معظم أوراقها، ولم يعد في إمكانها إقناع أحد بأن هذا الكلام يمت بصلة إلى الواقع. وليس كفوءاً السياسي الذي يقول كلاماً لا ضرورة له، خصوصاً حين تكون كلفته الفعلية أكثر من أي عائد معنوي يُحقّقه.

وهكذا أعطت ضحالة صانعي السياسة الأميركية أنقرة ذريعة لعملية عسكرية منحتها روسيا ضوءاً أخضر، ووضعتهم مُجدَّداً في موقف حرج، وهم يقفون متفرجين على ضربة عنيفة ضد حليف يساعدونه عسكرياً.

ولأن صانعي السياسة الأميركية لم يقصدوا ذلك، ولم يُقدّروا بالتالي عواقبه، لم يكن لديهم أي تصور لكيفية التعاطي مع العملية التركية، فتركوا حليفهم السوري تحت النار مثلما فعلوا مع نظيره العراقي قبل أشهر قليلة، مما أسماه سفيرهم السابق لدى سورية روبرت فورد في حينه «غباءً سياسياً». وهذا غباء من نوع ينتج عن الضحالة، وهشاشة الأداء، أكثر مما يترتب على تقديرات أو خيارات خاطئة.

غير أن ما تكسبه روسيا من ضحالة الأميركيين، ولكون سياستها أكثر احترافاً على المستوى المهني، تخسره بسبب ضيق أفق صانعي سياستها، وضعف خيالهم السياسي، ومن ثم عدم قدرتهم على فتح آفاق جديدة حتى عندما يجدون مفاتيحها أمامهم.

ونظراً لضيق الأفق الملازم للنظم الشمولية والتسلطية في الأغلب الأعم، لم تستطع موسكو مراجعة علاقتها بنظام الأسد، وربطت مصالحها كلها باستمراره، ولم تمارس ضغطاً يُذكر عليه لينخرط في مفاوضات حقيقية، ويكف عن إفساد محاولات التفاوض الجاد سواء في جنيف أو آستانة، أو حتى في سوتشي التي عوَّلت عليها كثيراً. ولم تُجرّب الدخول في حوار جاد مع المعارضة التي تعاني، بدورها، ضيق أفق يُعجزها عن إيجاد آليات عملية وواقعية تساعد في تحسين موقفها.

وإذ فشلت موسكو في الإمساك بفرصة التحول من طرف في الصراع إلى وسيط، بات عليها أن تنزل بسرعة من الشجرة، التي بدا أن بوتين قفز إليها، عندما تحدث في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي عن فكرة المؤتمر الذي عُقد في سوتشي. وبدل أن يُدعّم هذا المؤتمر دورها، ومن ثم نفوذها ومصالحها، حسم من رصيد محدود سعت إلى مراكمته في مؤتمرات آستانة عبر اتفاقات خفض التصعيد، التي بات مصيرها مجهولاً بعد أن تغاضت عن انتهاك نظام الأسد والميليشيات التي تقاتل معه اثنين من هذه الاتفاقات، ثم شاركته أخيراً الاعتداء على مناطق مشمولة بهما.

أدخلها ضيق الأفق في مأزق عندما خسرت رهانها على سوتشي، فتعاطت مع من رفضوا حضوره بطريقة البلطجي الذي ينذر ضحيته بالإذعان أو الضرب. وبالطريقة نفسها، شاركت في شن غارات همجية على إدلب عقب إسقاط أحدى طائراتها في تناقض مع زعمها قيادة عملية سياسية لحل الأزمة، ولكن ليس مع طابع نظم الحكم التسلطية المغلقة التي يعتقد القائمون عليها أن في إمكانهم استغباء الآخرين، مثلما فعل النظام التركي عندما أطلق على عدوان يشنه في عفرين «غصن الزيتون».

والحال أن الروس لا يستطيعون الاستفادة من ضحالة السياسة الأميركية، لأن ضيق أفقهم السياسي يفقدهم القدرة على إعادة التموضع في موقع يسمح لهم بقطف ثمار تدخلهم الكثيف في سورية، واستثمار إمساكهم بمفاصل أزمتها، لوضع أسس حل سياسي يُحسب لهم، ويُدعّم دورهم بأسلوب أرقى وأكثر تحضراً مما يستوعبه العقل الشمولي المغلق.

  نقلا عن الحياه اللندنيه

GMT 13:43 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

دولة في غزة كُبرى؟

GMT 11:56 2018 الإثنين ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

الوطن والشعب.. وأنا

GMT 08:20 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

درع العرب (1) نواة القوة المشتركة

GMT 09:54 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

مسقط... رؤية مختلفة

GMT 08:32 2018 الأحد ,28 تشرين الأول / أكتوبر

عودة الوحش

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ضحالة أميركية وضيق أفق روسي ضحالة أميركية وضيق أفق روسي



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية

GMT 12:20 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

طلائع الجيش يبحث عن مهاجم سوبر فى دوري المظاليم

GMT 15:09 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

فان ديك يحصد لقب أفضل لاعب بنهائي دوري الأبطال

GMT 15:15 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مشروع "كلمة" للترجمة يصدر "كوكب في حصاة"

GMT 20:20 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

صدور رواية "الطفلة سوريا" لعز الدين الدوماني
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon