د. وحيد عبدالمجيد
يعرف كثير منا معلومات متفاوتة عن هشاشة العظام، وخاصة النساء باعتبارهن أكثر معاناة منها. ولكن القليل منا يعرفون أن المدى الذى بلغه تدهور اقتصادنا دفع منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية إلى إدراجنا ضمن الدول الهشة فى تقريرها الأخير.
وإذا علمنا أيضاً أن عدد هذه الدول يبلغ 51 دولة فهذا يعنى أننا نُصنف الآن ضمن الربع الأكثر تعرضاً للخطر فى العالم .
وعندما نقرأ تعريف الدولة الهشة، لا ينتابنا أى شك فى أنه ينطبق علينا. فهذه الدولة تعتمد أكثر من غيرها على موارد خارجية أو مرتبطة بالخارج، مثل المساعدات والمنح والقروض وتحويلات العاملين من أبنائها فى بلاد أخري. وحتى الاعتماد على الاستثمار الأجنبى المباشر أكثر من الاستثمار الوطنى يعد سمة من سمات الدول الهشة حين تتوافر فيها السمات الأخرى التى تجعلها معتمدة فى حياتها على ما لا تستطيع أن تتحكم فيه أو حتى تضمن استمراره.
ومن شأن هذه الحالة، التى يزيد خطرها على هشاشة العظام لدى الأفراد، أن تضعف امكانات الانطلاق إلى المستقبل. ومن شأنها أيضاً أن تزيد احتمالات التعرض لأزمات مالية واقتصادية، وأن ترفع معدلات الفقر بشكل مطرد.
ويتوقع تقرير منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية أن تصل نسبة الفقر فى الدول الهشة إلى 50 فى المائة خلال خمس سنوات. وهذا خبر غير سار آخر لأن نسبة الفقر لدينا اليوم لا تقل عن 40 فى المائة وفقاً لتقديرات هذه المنظمة لمتوسط الدخل الذى تُقاس معدلات الفقر على أساسه.
وليس هذا إلا مؤشرا واحداً من مؤشرات عدة على مدى الخطر الذى نواجهه الآن، الأمر الذى لا يترك مجالاً لإعادة إنتاج سياسات أدت تراكمات فشلها على مدى ثلاثة عقود إلى حالة الهشاشة الراهنة.
فالعلاج الوحيد لهذه الهشاشة هو إنتهاج سياسات مختلفة اعتماداً على تفكير غير تقليدى خارج الصندوق. ويبدأ هذا العلاج بعدم انتظار استثمارات أجنبية يقلقها الوضع فى مصر الآن، ولن تأتى فى المدى المنظور، وإطلاق ثورة فى مجال المشاريع الصغيرة والمتناهية الصغر فى إطار خطة متكاملة يتم التعامل معها باعتبارها المشروع القومى الأول لمصر فى السنوات القادمة.
نقلاً عن "الأهرام"