د. وحيد عبدالمجيد
ربما يكون الرئيس المؤقت المستشار عدلى منصور هو أكثر الراغبين فى الإسراع بإجراء الانتخابات الرئاسية. ولعله يعد الأيام انتظاراً لليوم الذى سيرتاح فيه من العبء الثقيل الذى يحمله على كاهله ويزيح عن نفسه الهم الشديد الذى يؤرقه.
فقد قبل منصور تحمل المسئولية الوطنية بشجاعة فى لحظة عدم يقين بشأن ما يمكن أن يحدث فى مصر. وكان وجوده، وهو القاضى الدستورى الكبير، على رأس السلطة التنفيذية مطمئناً للكثيرين فى لحظة سادها الالتباس وخُلطت فيها الأوراق.
والأكيد أنه كان يأمل فى أن تؤثر خلفيته القضائية فى البناء السياسى الجديد بحيث يُقام على أساس من القانون. والأكيد، أيضاً، أنه بذل ما فى استطاعته لتحقيق ذلك فنجح مرة وأخفق أخري.
ولذلك صار يستثقل المهمة التى لم يتردد لحظة فى حملها انحيازاً إلى شعبه الذى خرج من أجل التغيير. لم يخش الرئيس منصور على نفسه من مهمة ثقيلة فى لحظة عدم يقين. ولكن الأرجح أنه يخاف على تاريخه مما قد يلحق به من جراَّء اضطراره إلى الصمت بشأن ممارسات أمنية ليس متصورا أن يسكت عليها و إصدار قوانين لا يقبلها لو أن البلاد فى وضع طبيعي. فقد أدى اختلال الميزان بين يدى السلطة الانتقالية وتغليب ضرورات الأمن على ضمانات الحقوق والحريات إلى وضع غير مريح لقاض كبير.
سيذكر له التاريخ أنه ناشد السيد النائب العام على الهواء (إجراء مراجعة لحالات المعتقلين والحالات قيد التحقيق وبصفة خاصة طلاب الجامعات، على أن يتم عقب انتهاء التحقيقات الإفراج عمن لم يثبت ارتكابهم أية جرائم أو أفعال يجرَّمها القانون). وهو لم يتجاوز صلاحياته بهذه المناشدة، بل ربما لم يستخدم هذه الصلاحيات كاملة باعتباره حكماً بين السلطات وليس فقط رئيساً للسلطة التنفيذية.
فقد اكتفى باتخاذ الموقف الذى يعبر عن روح القاضى ذى الضمير الحي0والمنطقى فى مثل هذه الظروف أن يكون الرئيس منصور راغباً فى مغادرة قصر الاتحادية اليوم قبل غد على الأقل حتى لا يضطر إلى إصدار قوانين أخرى مخالفة للدستور من نوع قانون التظاهر والمادة التى أضيفت إلى قانون تنظيم الجامعات والتعديل الذى أدخلته حكومة الببلاوى فى آخر أيامها على قانون الاستثمار، خاصة أن قانون مكافحة الإرهاب فى الطريق.
نقلاً عن "الأهرام"