بقلم د. وحيد عبدالمجيد
قرأتُ وسمعتُ فى الأيام الأولى من شهر رمضان انتقادات قاسية للجزء السادس من مسلسل ليالى الحلمية. وكان بعضها شديد القسوة وُصف فيه المسلسل بأنه “مسخ” و”إسفاف”.
وقد دفعنى ذلك إلى متابعة عدة حلقات ليس لتقييم العمل الجديد أو مقارنته بالأجزاء الخمسة الأصلية، ولكن لاختبار مبدأ أؤمن به وهو أن التقدم فى اى مجال يرتبط بالقدرة على تحقيق التراكم، والرغبة فى التجديد.
ولذلك ربما يتطلب الإنصاف أن ننظر إلى الجزء السادس على أساس أنه محاولة لإكمال عمل درامى عظيم, ولكن فى ظروف مختلفة عن تلك التى حقق فيها نجاحه المشهود، وفى غياب مؤلفه أسامة أنور عكاشة صاحب الفضل الأول فى هذا النجاح.
وهذه محاولة صعبة بطابعها. جوبه مؤلفا هذا الجزء أيمن بهجت قمر وعمرو ياسين نفسيهما منذ بداية العمل بتوقعات بفشل المحاولة، ومقارنات جزمت بإخفاقها قبل أن تولد. ومع ذلك فقد سعيا إلى تحقيق التراكم الصعب، وإنجاز التجديد الذى لا يقل صعوبة حين يكون العمل الأساسى رفيع المستوى.
وقد انطلقت هذه المحاولة من مدخل مناسب فى هذا السياق، وهو عرض التطور الذى حدث للشخصيات الرئيسية فى عائلتى غانم والبدرى اللتين يدور حولهما العمل، وتقديم الجيل الجديد فيهما. وفى هذا المدخل جمع بين التراكم والتجديد فى محاولة تنطوى على جديد بطابعها لأن العمل فيها لم يعد مرتبطاً بشخص واحد.
كان الراحل الكبير أسامة أنور عكاشة هو محور الأجزاء الخمسة الأصلية. وهذه حالة فريدة أو نادرة اقترن فيها العمل الدرامى بمؤلفه وليس بأى من الفنانين العاملين فيه، رغم أنه كان متخماً بنخبة من أبرزهم.
ومع ذلك فمن الملاحظات الأولية على هذه المحاولة أن بعض الشخصيات الجديدة رُسمت بطريقة تتسم بفجاجة أو “أفورة” ربما نتيجة المبالغة فى الانزلاق إلى حالة التسطيح السائدة فى المجتمع. كانت هذه الحالة موجودة عندما كتب أسامة أنور عكاشة الأجزاء الأصلية وتمكن من الارتفاع فوقها ببراعة لم تُفقد العمل المشاهدين الذين يميلون إلى التسطيح. ولكنها لم تكن قد بلغت فى ذلك الوقت المستوى الذى وصلت إليه الآن.
ولكن هذا ليس مبرراً كافياً للحط من شأن محاولة يُحسب لأصحابها إقدامهم عليها سواء نجحوا فيها أو أخفقوا.