بقلم د. وحيد عبدالمجيد
سجل الرئيس المنتهية ولايته باراك أوباما معدلاً قياسياً فى إحباط من توقعوا أن يكون دخوله البيت الأبيض فى يناير 2009 نقطة تحول تاريخية إلى الأمام. أحيط أوباما عشرات الملايين داخل الولايات المتحدة وخارجها، وأثبت مُجدَّداً أن من يجيد الكلام الجميل لا يستطيع بالضرورة أن يقوم بعمل جيد، وأن مهارة الخطاب لا تعنى القدرة على الإنجاز, وأن من يستخدم بلاغته لتجميل نفسه قد يظهر قبيحاً فى النهاية. ولذلك استحق أوباما الاستقبال العاصف الذى قوبل به فى أثينا قبل أيام عندما زارها ضمن أخر جولة رئاسية له خارج بلاده. كان المشهد الذى تجاهلته معظم وسائل الإعلام بالغ التعبير عن الختام الذى يليق بشخص مثل أوباما باع للناس كلاماً عن مبادئ سامية، وتعهد بالدفاع عن الحق والحرية، ولكنه تواطأ مع أعتى المجرمين فى الولايات المتحدة وخارجها ضد المغلوبين من شعبه، والمنكوبين الذين يُقتلون بعشرات الآلاف فى بلاد أخرى، ويُسحقون تحت أقدام قوى كبرى وشبكات مصالح أكبر فى العالم. وكان اليونانيون ضمن هؤلاء المسحوقين الذين تواطأ أوباما مع شبكات المصالح الأوروبية لفرض إجراءات تقشفية شديدة القسوة عليهم، بعد أن دفعت حكومتهم السابقة الى الغرق فى ديون طائلة. خرج آلاف اليونانيين أصحاب الضمائر الحية، وقالوا لهذا الرجل إن وجوده فى بلدهم غير مرغوب فيه، وأن القناع الذى ارتداه سقط فى الوحل، لكى يسجل التاريخ له هذا الختام الذى يليق بأمثاله.
ولو أن الأمريكيين الذين تظاهروا احتجاجاً على انتخاب ترامب يملكون قدراً أكبر من الوعى لتوجهوا بغضبهم ضد أوباما لانه يتحمل قسطاً وافراً من المسئولية عن نتيجة الانتخابات الأخيرة. فقد كانت رئاسته الفرصة الأخيرة لإصلاح ما أفسدته المؤسسة السياسية التقليدية على مدى عدة عقود، لو أنه التزم بقليل مما خدع أغلبية الناخبين به بشعاره “نعم نستطيع” كان هؤلاء الذين وضعوا أملهم الأخير فيه يستطيعون فعلاً، ولكنه هو الذى لم يستطع أن يخرج من أسر المؤسسة التقليدية، ولم يملك أدنى شجاعة لمواجهة شبكات المصالح الكبرى فى الداخل ومرتكبى أبشع الجرائم ضد الانسانية فى الخارج.
ولذلك ينبغى توجيه التحية إلى اليونانيين الذين واجهوا أوباما بحقيقته قبل أن يترك منصبه.