د. وحيد عبدالمجيد
إذا صح ما نشرته صحيفة الشباب الأسبوعية الصادرة عن مؤسسة «الأهرام» منسوباً إلى إحصاءات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، وهو أن ثلث شباب مصر (عايزين يهاجروا حتى لو هيموتوا فى البحر) وفقاً لمنطوق عنوان تحقيق مهم أجرته، فهذا يعنى أن الوضع أكثر خطراً مما يظن كثيرون.
لم أطلع بعد على هذا الإحصاء من مصدره، ولكنه يعبر عنً واقع نعيشه بغض النظر عن دقة نسبة الثلث هذه0فقد تفاقمت أزمة البطالة وبلغت مبلغ الخطر بالفعل، وخاصة فى غياب سياسة اقتصادية لمواجهتها. وكثيرة هى المؤشرات التى تدل على ذلك، حتى بمعزل عن التقديرات المتعلقة بنسبة العاطلين إلى قوة العمل وكيفية حسابها. ومنها فى الفترة الأخيرة تقدم أكثر من مليون شاب لشغل 30 ألف وظيفة مدرس أعلنت وزارة التعليم حاجتها إليهم، أى بمعدل أكثر من ثلاثمائة طلب على الوظيفة الواحدة.
وإذا أخذنا فى الاعتبار أن هناك ما يقرب من مليون شاب يتطلعون إلى دخول سوق العمل للمرة الأولى كل عام ، فهذا يعنى أننا فى حاجة إلى سياسة غير تقليدية خارج »الصندوق القديم« الذى مازلنا محبوسين فى داخله لاستيعاب أكبر عدد ممكن منهم وجزء من البطالة المتراكمة فى آن معاً.ويتطلب ذلك إعطاء أولوية للمشاريع الصغيرة والمتناهية الصغر، بدون وقف المشاريع الكبيرة لأن غرامنا بها كبير أيضاً.
غير أنه عند تخصيص الموارد، صار إعطاء أولوية للمشاريع الصغيرة قضية حياة أو موت فى مجتمع يبدو عدد ضخم من شبابه مستعداً للبحث عن عمل بأى سبيل حتى إذا كان الموت هو مصيره. فحتى إذا كانت نسبة هؤلاء »واحد على ثلاثمائة«، وليس »واحد على ثلاثة« وفقاً للمعلومات التى بنى عليها الزميل محمد فتحى تحقيقه فى صحيفة »الشباب«، فهذا أمر مخيف بالفعل.
ولا يصح إغفال أن بعض أولئك الذين يريدون عملاً حتى إذا دفعوا حياتهم قد يتحولون فى قادم الأيام إلى تحميل غيرهم هذا الثمن إذا اشتد غضبهم واستبد بهم اليأس نتيجة عجزنا عن إعادة الأمل إليهم فى المستقبل.
لقد فتحت ثورة 25 يناير باب الأمل واسعاً أمام الشباب الذين لامست أحلام بعضهم السماء. ولكن هذا الأمل أخذ يتراجع فى ظل قوة »الصندوق القديم« وقدرته على مقاومة أى تغيير واستعصائه على التجديد.
ولهذا يظل السؤال عن استعادة الأمل مقترناً بالتفكير خارج هذا الصندوق الذى أكله الصدأ.