جهاد الخازن
السناتور تيد كروز، وهو جمهوري من تكساس، اقترح في مقابلة تلفزيونية اميركية قصف إرهابيي الدولة الاسلامية حتى يعودوا «الى العصر الحجري». لا أقترح قصف كروز وإنما أقترح أن نعطيه تذكرة سفر مدفوعة ليعود الى المكسيك من حيث جاءت أسرته، ويمارس تطرفه ضد عصابات المخدرات بدل المسيحيين العرب.
كروز تحدث في حفلة عشاء شعارها «دفاعاً عن المسيحيين» وبدل أن يدافع عن المسيحيين استغل المنصة ليقول «إن الذين يكرهون اسرائيل يكرهون الولايات المتحدة، والذين يكرهون اليهود يكرهون المسيحيين». وأضاف أن كره اسرائيل واليهود ضد تعاليم المسيح. أقول له إنني أكره اسرائيل وأحب الولايات المتحدة، وحتماً لا أكره اليهود.
إذا كان كروز مسيحياً، فهو يجب أن يعرف أن اليهود في القدس قتلوا المسيح، إما صلباً كما يقول العهد الجديد، أو «شبِّهَ لهم» كما يقول القرآن الكريم. المهم أنهم سعوا الى قتل المسيح، فلا خلاف على هذه النقطة.
كروز لم يكن يدافع عن المسيحيين العرب أو غيرهم وإنما كان ينافق للوبي اسرائيل وعصابتها الاميركية، لأنه يريد ترشيح نفسه للرئاسة الاميركية، فإذا كان اميركي أسود، أبوه من كينيا، فاز بالرئاسة، فلماذا لا يفوز بها لاتيني اميركي أصله من المكسيك.
مواصفاته الشخصية جيدة، فقبل فوزه بمقعد في مجلس الشيوخ عام 2012 شغل منصب المدعي العام لتكساس، وكان الأصغر في المنصب والأطول خدمة.
وهكذا، فإذا كنت أعطيه تسعة على عشرة في عمله، فإنني أعطيه صفراً على عشرة في السياسة الخارجية، أو تحديداً في فهم أحداث الشرق الأوسط، وأبسطها أن الدولة الاسلامية ليست دولة أو إسلامية.
أتوقف هنا لأنني طرف وأنقل عن الاميركي رود دريهر، في مقال نشره له موقع «اميركان كونسرفاتف» (الاميركي المحافظ)، وهو موقع يميني. المقال بدأ بالإشارة الى ما وجد اليهودي الاميركي جوش غرينمان على الانترنت وكان «هم ليسوا مسيحيين حقيقيين». الكاتب يقول إنه وزوجته بدآ يصلّيان مع موارنة من أصل لبناني في بروكلن، وهو كان يفكر بأن هؤلاء الناس من قوم تبعوا المسيح عندما كان أجداده هو في اوروبا الشمالية يعبدون الشجر. لا أدري إذا كان أجداد كروز عبدوا الشجر أو تدلوا منه، ولكن أقول له إن المسيحيين العرب هم الذين أدخلوا أجداده في المسيحية، فهي انطلقت من بلادهم، وآمنوا بها قبل 1500 سنة من اكتشاف اميركا.
يستطيع كروز أن يستعمل كل الوسائل المتاحة للوصول الى البيت الأبيض، ولا أراه سيصل، إلا أن عليه أن يتجنب ما لا يعرف حتى لا يفضح جهله وقلة خبرته وتطرفه.
عندي للسناتور الأحمق بعض المعلومات.
- بعد معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل عام 1979، طلب الرئيس السادات من البابا شنودة أن يسمح للأقباط بالحج الى القدس، ورفض البابا زيارة المدينة المقدسة ومنع الأقباط من زيارتها.
المنع ما زال سارياً، وقد كرره البابا الحالي تواضروس الثاني، وقال إن هناك تطبيعاً بين حكومات، ولكن لا تطبيع بين الشعوب.
- المطران رياح أبو العسل، وأذكره مع أخيه روحي من أيام المراهقة الأولى في لبنان، هو حليف دار الإفتاء في القدس ضد الاحتلال، وفي مؤتمر انتخابي في الناصرة السنة الماضية خاطب أبناء المدينة من مسلمين ومسيحيين بالآية القرآنية المعروفة: «إن ينصركم الله فلا غالب لكم».
- المطران عطالله حنا، مطران الروم الارثوذكس في القدس، هاجم مخططات اسرائيل لضرب النسيج الوطني الفلسطيني داخل الأراضي المحتلة عام 1948، وقال إن المسيحيين «لم ولن يتجندوا في جيش الاحتلال» كما تحاول اسرائيل.
تيد كروز انسحب من العشاء بعدما هتف الحاضرون ضده، وأقتَرِحُ أن يركز على ما يعرف وينسحب من حياتنا، فلا المسلمون العرب يريدونه، ولا المسيحيون العرب.