قيل في المتنبي في حياته إنه «مالئ الدنيا وشاغل الناس»، وهو وصف يصح اليوم في دونالد ترامب، فعندي مصادر أخبار من الميديا العالمية ودور البحث وغيرها، وقد وجدت بعد انتخاب ترامب رئيساً أن نصف المادة التي أتلقاها أو أكثر عن رجل الأعمال الرئيس الذي لا يكتب تغريدة إلا ويقوم مَن يصححها له أو يثبت خطأها.
ما سبق مقدمة، فأكمل بالموضوع الذي اخترته اليوم... عن ترامب.
بعد الهجمات الإرهابية في الولايات المتحدة في 11/9/2001 صدر قرار رسمي باستخدام القوة العسكرية ضد «القاعدة» والجماعات الإرهابية الأخرى. وفي سنة 2002 صوّت الكونغرس بشرعية مهاجمة العراق. الآن هناك حل وسط بين الرئيس والكونغرس يعطي كل طرف حقّه، وهو يدعو إلى إلغاء قراري 2001 و2002 وإصدار قانون يطلب من الرئيس والكونغرس التشاور حول شن حروب ضد الجماعات الإرهابية.
الرئيس ترامب اتخذ قرارات من دون مشاورة الكونغرس، إلا أن عنده أهم منها الآن، فهو يشن حرباً على جيمس كومي، الرئيس السابق لمكتب التحقيق الفدرالي، ويزعم أن كتابه عن تجربته في الحكم «من الدرجة الثالثة.»
ترامب يدافع عن الجنرال مايكل فلين الذي أرغِم على الاستقالة بعد ثبوت كذبه على المحققين وهو يعمل مساعداً للرئيس في الأمن القومي. ترامب يزعم أن حياة فلين «دُمِّرَت تماماً» وأن كومي يجني المال من كتابه الكاذب.
هل هذا صحيح؟ كومي كتب مذكرات عن اجتماعاته وهو رئيس «أف بي آي» مع الرئيس ترامب ومع رينس بريبوس، أول رئيس لموظفي البيت الأبيض مع الرئيس الجديد. المذكرات تتحدث عن قلق ترامب من التحقيق في تدخل روسيا في انتخابات الرئاسة الأميركية سنة 2016، مع أن ثلاثة أجهزة استخبارات أميركية أكدت هذا التدخل. ترامب كان يخشى أيضاً أن «أف بي آي» والبيروقراطية الأميركية ومسؤولين في الحكومة يحاولون إسقاط شرعيته رئيساً.
كومي كان يحاول تنفيذ عمله، وهو قال للرئيس إن رجل استخبارات أميركياً سابقاً وضع تقريراً يقول إن لدى السلطات الروسية تسجيلاً لترامب مع مومسات عاريات عندما زار موسكو سنة 2013 لاختيار ملكة جمال العالم.
كومي كتب أن الرئيس ترامب ركز على أندرو ماكابي، وكان عضواً في «أف بي آي» لا يعرفه الناس، حقق في تعامل هيلاري كلينتون وهي وزيرة خارجية في ملفات سرية. كانت جيل زوجة ماكابي مرشحة لمجلس الشيوخ وتلقت مئات ألوف الدولارات من أنصار كلينتون وخسرت.
مايكل فلين، مستشار الأمن القومي، سجل عليه كلام مع السفير الروسي لدى الولايات المتحدة عن عقوبات فرضتها إدارة أوباما على روسيا لتدخلها في الانتخابات الأميركية. فلين كذب على المحققين ودفع الثمن بإجباره على الاستقالة.
أغرب ما في الموضوع أن دونالد ترامب يهاجم كومي وينكر كل ما ورد في كتابه، مع أن مذكرات رئيس «أف بي آي» السابق وزعت في حينها والكونغرس جمعها ووزعها على الأعضاء.
أهم من ذلك أن ترامب يهاجم كومي وكتابه في تغريدات شبه يومية، ويقول إن كومي يجب أن يُسجن. إذا كان الأمر كذلك فلماذا لا يرفع الرئيس قضية على مساعده السابق ونرى عندئذ مَن يقول الحقيقة ومَن يكذب؟
ما فهمت من كتاب كومي أن ترامب مصاب بجنون العظمة، ولا يهمه سوى نفسه. لي الرأي نفسه
نقلا عن الحياة اللندنية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع