بقلم : جهاد الخازن
كنت أتمنى لو أن الرئيس دونالد ترامب هاجم «الحياة» مع «نيويورك تايمز» و «واشنطن بوست». الجريدتان الأميركيتان زادت مبيعاتهما والإعلانات فيهما بعد أن زعم ترامب أنهما تنشران «أخباراً كاذبة». لو أنه شملنا بالتهمة لربما كانت «الحياة» استفادت في سوق مهنية صعبة جداً.
هو قال في تغريدة إن أهم جريدتين في بلاده «فشلتا» مع أنه سبب نجاحهما. هل حان الوقت لوصف ترامب بأنه مجنون؟ كيف يُدار السرطان في البيت الأبيض. هو تحدث عن إرهاب في السويد لم يحدث ورئيس الوزراء السويدي السابق كارل بيلت سأل: ماذا يدخن؟ كأنه يقصد أن ترامب يحشش.
لم أقل ما سبق وإنما اخترته من الصحف الأميركية وهناك كثير مثله. الرئيس الأميركي يهاجم صحافة بلاده كل يوم، أو في كل فرصة متاحة له، وهو في مؤتمر صحافي في البيت الأبيض قال للصحافيين الحاضرين «نحن نعلم أنكم لستم قوماً شرفاء». مَنْ قال هذا؟ رجل أعمال لا يكشف سجله الضريبي، ولا يزال يدير شركاته حول العالم، ما يعني أن أي دولة خارجية تحتاج الى شيء منه تستطيع تقديم رشوة الى شركته العاملة فيها.
بالمناسبة، الدستور الأميركي يمنع هذا منعاً باتاً، لأن الرئيس يفترض فيه أن يخدم الشعب الأميركي لا نفسه أو أسرته كما يفعل ترامب حتى اليوم. هو وعد بتسليم شركاته الى ابنيه، ولكن لم يفعل، وإنما يقول إنه ورث في الحكم «خراباً» في الداخل والخارج، وهذا مع العلم أن باراك أوباما أخرج الولايات المتحدة من الأزمة المالية التي انفجرت سنة 2008، وأعادها أكبر قوة اقتصادية في العالم، كما أخرجها من حروب جورج بوش الابن، وما جرّت على البلاد من ضحايا ونفقات.
ترامب عطف الأسبوع الماضي على السناتور بيرني ساندرز وقال في تغريدة إنه عندما أشار السناتور الى «أخبار كاذبة» في مقابلة تلفزيونية قُطِع كلامه. ما حدث أن البرنامج تحول الى إعلانات، وعندما استؤنف سأل المذيع السناتور عن إشارته الى «سي أن أن» عندما قُطِع كلامه، ورد السناتور منتقداً أن يصف ترامب المحطة بنشر «أخبار كاذبة». أهون من الحملة على محطة تلفزيون أن ترامب قال حرفياً «إن الميديا عدو الشعب الأميركي».
ترامب يريد أن يعين محققاً من حلفائه لمراجعة التسريبات من أجهزة الاستخبارات الأميركية الى الميديا. هو لم يقل إن التسريبات كاذبة، وإنما يشكو من أنها تفضح علاقاته مع روسيا وغيرها. أغرب من كل ما سبق أن ترامب خلال الحملة الانتخابية حض ويكيليكس على كشف معلومات استخباراتية سرية عن هيلاري كلينتون ودعا روسيا الى البحث عن 30 ألف رسالة «ايميل» لكلينتون اختفت، وقال إنه يتمنى لروسيا النجاح في المهمة. الآن أصبح يقول إن هذا خطأ، ناسياً كلامه السابق.
يهمني ككاتب عربي أن أتابع الأخبار والمواقف والتصريحات التي تتعلق بالمصالح العربية، وترامب في جلساته الحميمة مع مجرم الحرب بنيامين نتانياهو تخلى عن حل الدولتَيْن قائلاً إن الأمر متروك لإسرائيل والفلسطينيين. إلا أن السفيرة نيكي هيلي التي عينها ترامب في الأمم المتحدة قالت في اليوم التالي إن الولايات المتحدة لا تزال تدعم قيام دولة فلسطينية.
اليوم المرشح الأول لشغل منصب نائب وزير الخارجية هو ايلوت ابرامز، وهو ليكودي أميركي يؤيد إسرائيل على حساب كل مصلحة أخرى، سجله السياسي ينضح بما يكشف من خلفية سياسية حقيرة بالمقاييس الأميركية قبل العربية. هو دينَ بفضيحة إيران - كونترا بحجب معلومات عن الكونغرس، ولا أعرف كيف سيعود الى العمل السياسي.
أخيراً، أفضل رئيسَيْن في تاريخ الولايات المتحدة منذ الاستقلال سنة 1776 كانا ابراهام لنكولن وجورج واشنطن. أسوأ رئيسَيْن هما جيمس بوكانان واندرو جونسون. الآن أقرأ أن دونالد ترامب سيحتل مركز أسوأ رئيس أميركي قبل أن يكمل مئة يوم له في البيت الأبيض.
المصدر : صحيفة الحياة