بقلم جهاد الخازن
وقعتُ على إحصاءات، أكثرها موثّق، ترصد تاريخ الانقلابات حول العالم، وكنت أعتقد أن هذا مجال لنا فيه قصب السبق، إلا أنني فوجئت بأننا متخلّفون في الانقلابات أيضاً.
إسبانيا تقود العالم في عدد الانقلابات الناجحة والفاشلة، فقد بلغ 36 انقلاباً، وبعدها هايتي ولها 25 انقلاباً كان آخرها سنة 1991 عندما أطيح جان برنار أريستيد، ثم تايلاند وفي سجلها 21 انقلاباً، واليونان و16 انقلاباً، وبوليفيا و14 انقلاباً، وسويسرا (نعم سويسرا) و12 انقلاباً آخرها كان سنة 1839، ويوغوسلافيا ولها 11 انقلاباً، وبعدها تركيا ولها عشرة انقلابات. ثم هناك عدد من الدول يتزاحم على المراكز التالية، مثل الفيليبين وبوركينا فاسو، ولكل منهما تسعة انقلابات ولاوس والأرجنتين ونيجيريا وبنغلادش وفنزويلا ويوغوسلافيا وسيراليون وإيران وليسوتو.
آخر انقلاب في يوغوسلافيا كان سنة 2000 عندما ثار الشعب وأطاح الرئيس سلوبودان ميلوسوفيتش. أما في تركيا، فآخر محاولة انقلاب كانت في 15/7 من هذه السنة عندما حاول جنرالات وكولونيلات إسقاط حكم رجب طيب أردوغان وفشلوا.
العالم المتقدم يتقدمنا أيضاً في عدد الانقلابات، فالصين لها 15 انقلاباً واليابان ثمانية انقلابات، ومثلها فرنسا التي شهدت انقلاباً سنة 1958 أعاد ديغول الى الحكم ومحاولة انقلاب فاشلة ضده سنة 1961. المملكة المتحدة (بريطانيا) شهدت محاولتي انقلاب لم أرهما تستحقان التسجيل، لكن إنكلترا سُجِّلت لها أربعة انقلابات آخرها كان سنة 1688. ألمانيا شهدت ثلاثة انقلابات آخرها محاولة فاشلة سنة 1944 نظّمها جنرالات حاولوا قتل هتلر، وقد شاهدت فيلماً عن الموضوع. الولايات المتحدة أيضاً شهدت أربع محاولات انقلابية، آخرها سنة 1933 وأرى وصفها بمحاولة انقلاب مبالغة.
ما سبق مقدمة طالت قبل أن أصل الى الدول العربية، وقد وجدت أن دول مجلس التعاون لم تتعرض لانقلابات أو محاولات، مع أن السجل يضم تولّي السلطان قابوس الحكم سنة 1970 محلّ أبيه السلطان سعيد بن تيمور.
سورية تقود المجموعة العربية بثمانية انقلابات، أولها لحسني الزعيم على شكري القوتلي سنة 1949، وآخرها لحافظ الأسد على صلاح جديد سنة 1970، وبعدها العراق بستة انقلابات آخرها إطاحة أحمد حسن البكر الرئيس عبدالرحمن عارف سنة 1968. أذكر الانقلاب على الملكية سنة 1958 وكنت مراهقاً أدير الراديو في الصباح بحثاً عن انقلاب في سورية وفوجئت بالانقلاب الدموي في بغداد.
جزر القمر، وهي عضو في جامعة الدول العربية لها خمسة انقلابات، أما تونس فهناك ثلاثة انقلابات تشمل تسلم الحبيب بورقيبة الحكم سنة 1958. والمغرب له محاولتان فاشلتان ضد الملك الحسن الثاني في 1971 و1972، والثانية دبّرها محمد أوفقير ودفع ثمن تآمره. ووجدت أن مصر لها أربعة انقلابات، وأرى أن بعضها يتجاوز الحقيقة، فالسجل يقول إن المشير محمد طنطاوي أطاح الرئيس حسني مبارك سنة 2011 وهذا إطلاقاً غير صحيح، فالرئيس مبارك استقال، وقرأ كتاب استقالته على الراديو والتلفزيون اللواء عمر سليمان، رحمه الله ورحمنا. أيضاً هناك زعم أن وزير الدفاع في حينه عبدالفتاح السيسي أطاح الرئيس محمد مرسي. ما حدث هو أن تظاهرات مليونية قامت ضد مرسي، وتدخل الجيش لحماية البلد من الانهيار.
في ليبيا، حصل انقلاب واحد في الفاتح (أول) من سبتمبر 1970 عندما أطاح العقيد معمر القذافي الملك إدريس السنوسي. لم أزر ليبيا قبل سقوط القذافي أو بعده، لكن سجلت يوماً أن القذافي أمر الأخ موسى كوسة بقتلي، وهو استعان بالأخ عبدالرحمن شلقم، ولم ينفذ الأمر.
كنت أعتقد أننا متخلّفون عن العالم في كل شيء ما عدا الانقلابات العسكرية، ثم وجدت أننا في آخر ركب الانقلابات أيضاً.