فتك الهواء الأصفر بسكان حلب سنة 1912 فهربوا إلى لبنان للاستشفاء، وقال الأكسرخوس يوحنا حداد:
أنا الحزين على الشهباء من أسف/ يبكي ويرثي بقلب منه ملتهب
يا آل لبنان غيثوا المستجير بكم/ يا آل لبنان أنتم منهل الأدب
لبنان يستضيف الآن حوالى 1.2 مليون لاجئ سوري، فما يحدث في سورية الآن أسوأ من الهواء الأصفر أو الأسود. الشاعر عمر حمد قال سنة 1913:
وأشدد إلى الشام رحل العزم مجتهداً/ فما لمثل ربوع الشام ترحال
أسأل لو عاش الشاعر حتى اليوم هل كان غيّر رأيه.
في القرن الماضي قال أحمد شوقي:
قم ناج جلق وانشد رسم من بانوا/ مضت على الرسم أحوال وأزمان
لولا دمشق لما كانت طليطلة/ ولا زهت ببني العباس بغدان
وقال حافظ إبراهيم:
لمصر أم لربوع الشام تنتسب/ هنا العلا وهناك المجد والحسب
ركنان للشرق لا زالت ربوعهما/ قلب الهلال عليها خافق لجب
أبكي سورية مع أهلها وكل العرب والمسلمين، ثم أعترف بأنني أعرف منها دمشق كأهلها وحلب وغيرها وأختار:
البحتري قال:
قد رحلنا عن العراق/ عن قيظها المتوقد
حبذا العيش في دمشق/ إذ ليلها برد
وقال غيره:
وكانت في دمشق لنا ليال/ سرقناها من ريب الزمان
وجعلناهن تاريخ الليالي/ وعنوان المسرّة والأماني
وقرأت:
ليس في الدنيا نعيم/ غير سكنى في دمشق
جنة يفجر منها/ ماء عين ذات دفق
وقال أبو محمد الصوري:
كان ذمّ الشآم مذ كنت شاني/ فنهتني عنه دمشق الشام
بلد ساكنوه قد جعلوه الجنة/ قبل الحساب دار مقام
أما الكاتب أبو محمد الحميري فله:
سقى الله ما تحوي دمشق وحياها/ من أطيب اللذات فيها وأهناها
نزلنا بها فاستوقفتنا محاسن/ يحن إليها كل قلب ويهواها
سبع بن خلف له:
سقى الله دمشق غيثاً محسناً/ من مستهل ديمة دهاقها
مدينة ليس يضاهى حسنها/ في سائر الدنيا ولا آفاقها
أبو الحسن الغرناطي له:
أما دمشق فجنة/ ينسى بها الوطن الغريب
أنظر بعينك هل ترى/ إلا محباً أو حبيب
أحمد التلمساني زايد على مَن قبله قائلاً:
أما دمشق فجنة/ لعبت بالباب الخلائق
هي مهجة الدنيا التي/ فيها بديع الحسن فائق
لا زال معناها مصوناً/ آمناً كل البوائق
وقال شمس الدين الأسدي:
إذا ذكرت بقاع الأرض يوماً/ فقل سُقياً لجلق ثم رُعيا
وقل في وصفها لا في سواها/ بها ما شئت من دين ودنيا
وقرأت:
جامع جلق نعم الإقامة/ أقم تلق العناية والكرامة
دمشق لم تزل للشام وجهاً/ ومسجدها لوجه الشام شامة
وقال حبيب الخوري الشرتوني:
قالوا الشآم فقلت ندية وجهها/ كنز وإثم ترابها أنغام
حبيب الخوري الشرتوني في رحاب ربه فأسأله، إن سمعني، ما رأيه في الشام هذه الأيام. أو لا أسأله حتى لا أسمع جواباً ينغض عيشي، وإنمأ أقول إن الشام، أي سورية، بلدي ومأساتها في القلب. وأختتم بدمشق كما عرفت وأحببت مختاراً من شعر محمد مروان مراد:
عروس المدائن سحر الخلود/ ومعجزة الشرق لما بناها
دمشق دمشق أحب دمشق/ وأهل دمشق وسحر بهاها
نقلا عن الحياة اللندنية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع