بقلم جهاد الخازن
مرَّ أسبوع على المناظرة الثالثة والأخيرة بين هيلاري كلينتون ودونالد ترامب، ولا تزال الميديا الأميركية تركز على قول المرشح الجمهوري إن ردّ فعله إذا خسر الانتخابات «أقول لكم في وقت لاحق». هذا مع العلم أن كل خاسر لانتخابات الرئاسة الأميركية عبر قرنَيْن ونصف قرن هنأ الفائز، وهو يعترف بالخسارة.
أمام الضجة القائمة، قال ترامب أنه سيؤيد النتيجة إذا كان هو الفائز، وعادت الميديا لتقول أن هذا المرشح عدو الديموقراطية الأميركية. وقرأت تعليقاً عنوانه: لا يجوز أن يُهزَم ترامب فقط. يجب أن يُهان. والمقصود أن تكون خسارته كبيرة إلى درجة الإهانة. وقرأت أن الحزب الجمهوري سيواجه حرباً أهلية بعد ترامب.
ترامب ابن شارع حقير، والمناظرات الثلاث فازت بها كلينتون، وتبعها عشاء لجمعيات خيرية كاثوليكية شارك فيه المرشحان للرئاسة، واستغل ترامب الفرصة ليُكيل الإهانات لمنافسته، على شكل طُرَف نابية، والنتيجة أن الحاضرين أخذوا يرددون إهانات له في نهاية كل «طرفة».
قال ترامب أنه «ثبت أنها كاذبة». الواقع أن كلينتون لم تُتَّهَم إطلاقاً بأي جريمة، وهي بالتالي لم تتعرض لأي إدانة في أي محكمة أميركية بتهمة الكذب، أو النصب أو الاحتيال وغير ذلك من تُهَم تُكال لترامب كل يوم.
أختار مثلاً واحداً. هو قال في تغريدة على تويتر أن إحصاءات جرائم القتل في الولايات المتحدة تدل على أن 81 في المئة من القتلى البيض قتلهم سود. إحصاءات مكتب التحقيق الفيديرالي (إف بي آي)، وهو المرجع في الموضوع، تقول أن 82 في المئة من القتلى البيض قتلهم بيض مثلهم.
سفاهة ترامب تجعله يخسر أصوات السود والمكسيكيين الأميركيين والمسلمين الأميركيين وطلاب السلام والصينيين الأميركيين وخريجي الجامعات وقدماء المحاربين ودافعي الضرائب والديبلوماسيين والمحافظين الجدد.
يعرف القارئ كيف ردَّد ترامب إهانات للنساء والسود والمكسيكيين وغيرهم، فأكتفي مما سبق بآخر نموذجَيْن. خمسة وسبعون ديبلوماسياً أميركياً سابقاً وقعوا رسالة منشورة قالت أن ترامب «جاهل»، وأنه «لا يملك أي مؤهلات». أغرب من ذلك أن خمسين جمهورياً من أنصار الحروب وبعضهم من المحافظين الجدد الكبار وقعوا رسالة في آب (أغسطس) الماضي تقول أن ترامب سيكون «رئيساً خطراً وأنه سيغامر بالأمن القومي ورفاه الأميركيين...» هؤلاء ينتقدون ترامب، وهم أيّدوا كل حرب على العرب والمسلمين ولا يزالون ينتظرون الفرصة لشن حروب جديدة علينا.
هذا لا يعني أن ترامب من دون أنصار فقد قرأت مقالاً عنوانه «ترامب فاز بالمناظرة الثالثة» كتبه إد روجرز الذي لا أعرفه ولا أريد أن أعرفه. كيف هذا؟ غالبية ساحقة من الميديا أكدت فوز كلينتون بالمناظرات الثلاث، وكذلك فعلت استطلاعات الرأي العام. أيضاً المعلق تشارلز كراوتهامر كتب مقالاً آخر ضد كلينتون عنوانه «صوتي، مشروحاً». هو يدين المرشحة الديموقراطية فأقول مرة أخرى أنها لم تُتَّهَم بجريمة ولم يُحكَم عليها إطلاقاً ثم يأتي متطرف يؤيد إسرائيل ضد أصحاب الأرض في فلسطين ليشرح لنا صوته كأن صوته مهم للقارئ الأميركي. ما سبق في «واشنطن بوست»، أما سوزان تشيرا في «نيويورك تايمز» فتشكر ترامب لأنه «نصير النساء». هي نصيرته وهو حقير.
أفضل من أمثال روجرز وكراوتهامر وتشيرا أن «واشنطن بوست» نشرت أيضاً افتتاحية لكتّاب الرأي فيها عن المناظرة الثالثة قالت أن هيلاري كلينتون «أظهرت بوضوح لماذا يجب أن تكون هي الرئيسة». أفضل من كل ما سبق، أو مَنْ سبق، في تقديري الشخصي بول كروغمان في «نيويورك تايمز»، فهو كتب مقالاً موضوعياً موثقاً عنوانه «لماذا تفوز هيلاري». هو عبَّر عن رأيي في هيلاري كلينتون وأتوقع لها الفوز بالرئاسة.