بقلم جهاد الخازن
قلت أمس إن المحافظين الجدد لا يريدون دونالد ترامب أو هيلاري كلينتون للرئاسة، وعرضت رأيهم في ترامب، فأكمل اليوم بكلينتون، مذكراً القارئ بأن اسرائيل وحدها وراء الموقف من طالبَيْ الرئاسة الأميركية، فالحملات عليهما من أنصار معروفين مدموغين لإسرائيل.
ربما تقتضي الموضوعية أن أشير الى السناتور بيرني ساندرز، فهو ينافس كلينتون على الترشيح عن الحزب الديموقراطي، مع أن أمله بالفوز عليها محدود جداً. المحافظون الجدد هاجموه مرة بعد مرة، وموقع «فرونت بيدج» الليكودي الحقير اتهم ساندرز، وهو يهودي، بأن جناحه اليساري «لاساميّ». كيف هذا؟ علمه عند أنصار اسرائيل الذين يرون اسرائيل تقتل الفلسطينيين بالألوف يوماً، وبالأفراد يوماً آخر، ثم يتحدثون عن لاساميّة لو وجِدَت لكان سببها الأول والأخير جرائم حكومة بنيامين نتانياهو. ساندرز قال إن ترامب يستخدم الإرهاب في بروكسيل ليهاجم جميع المسلمين.
أعود الى هيلاري كلينتون وأسجل أن الرئيس القادم للولايات المتحدة لن يستطيع أن ينجح كما نجح باراك اوباما في سنواته الثماني في البيت الأبيض. هو تسلم أزمة اقتصادية اميركية وعالمية، وسجله من 2010 يُظهِر أن العاملين في الاقتصاد الأميركي زادوا 14 مليوناً، وأن معدل مؤشر بورصة داو جونز زاد مرتين.
هل تستطيع كلينتون أن تحقق إنجازاً من هذا النوع؟ لا أتوقع ذلك، وكان خصومها من محافظين جدد وليكوديين أميركيين يستطيعون أن يركزوا على أداء أوباما غير المسبوق للتقليل من قدرة مَنْ يخلفه. إلا أن أوباما عدوهم قبل كلينتون أو ترامب، واحتقاره نتانياهو لا يحتاج الى شرح، لذلك هم يلاحقون كلينتون من اليوم الأول، بموضوع استعمالها مادة سرية عن ليبيا وهي وزيرة خارجية، واستعمالها هاتفها المحمول في نقل رسائل وتلقيها.
أرى أن الموضوع استُهلِك فهو قيد التناول منذ سنوات، ولو أن الاستخبارات الأميركية وجدت شيئاً لكنا سمعنا به. مع ذلك أقرأ يوماً بعد يوم عن تلك القصة ربما لعدم وجود سلاح آخر يستعمله المحافظون الجدد ضدها، فبرنامجها الانتخابي يتضمن استمرار الإصلاح المالي وحماية الأسرة والبحث العلمي ومقاومة ارتفاع حرارة الطقس وتحسين صفاء الهواء والماء، ما يهم كل ناخب.
هم كانوا يريدون «روبيو الصغير» إلا أنه انسحب بعد خسارته المؤلمة في ولايته فلوريدا، أو «تيد الكذاب»، أي تيد كروز، السناتور من تكساس. أسجل أنهما نجحا على رغم أصولهما المتواضعة فوالد روبيو غسل صحون، وكروز كان أبوه يعمل في بار. أفضل منهما جون كايسيك، وأبوه كان ساعي بريد. هذه معلومات ترفع من قدرهم ولا تحط شيئاً. الآن ترامب الأحمق يتقدم على الجميع، وهو وكروز يتبادلان التهم، ليس عن أحدهما الآخر، وإنما عن زوجتيهما في هبوط فاضح للسياسة الحزبية.
كلينتون «حاجة تانية» فسجلها في الحياة والعمل لا يضاهى من سيدة أولى إلى عضو في مجلس الشيوخ ووزيرة خارجية. وأنصار إسرائيل يحاولون إيجاد شيء في سجلها يدينها فبعد التعامل مع المادة السرية أقرأ أنها كانت خلال أربع سنوات كوزيرة خارجية مع أوباما، «شريكة كلياً معه في مواقفه المعادية لإسرائيل». والحديث هنا عن إجهاض عملية السلام والبناء في أراضي الفلسطينيين أو قتلهم. على سبيل التذكير، هي كانت عضواً في مجلس الشيوخ عن ولاية نيويورك، حيث يوجد ملايين اليهود، فكيف أيدها هؤلاء إذا كانت عدو إسرائيل؟ يبدو أن وعدها في مؤتمر أيباك بالدفاع عن إسرائيل لم ينفعها.
ترامب أكد مرة بعد مرة أنه متقدم على كلينتون في استطلاعات الرأي العام، منذ مطلع هذا العام كان هناك 39 استطلاعاً تقدم ترامب في خمسة منها فقط. هو سيظل يكذب أملاً بأن يصدقه الناخبون.