بقلم : عماد الدين أديب
مقابلة الأمير محمد فى جريدة الشرق الأوسط، التى أجراها رئيس تحريرها الزميل غسان شربل، جاءت فى توقيت شديد الدقة والحساسية، ترتفع فيه احتمالات الحرب وتخرج فيه تسريبات القنوات الخلفية للمفاوضات فى آن واحد.
ويتضح من حوار الأمير محمد أن الرجل يتمنى السلام، لكنه يستعد للحرب.
يدرك الرجل كلفة الحرب الأسطورية على البشر وعلى اقتصادات المنطقة، وتأثيرها فى تأخير مشروع النهضة الاقتصادية الذى يعمل لإنجازه على قدم وساق ليل نهار حتى تولد «سعودية 2030».
يدرك الرجل أن ألف عقبة وعقبة سوف توضع أمامه من أجل إيقاف التغيير الهيكلى للاقتصاد الكلى السعودى، بحيث تصبح فى 2030 واحدة من أهم القوى الاقتصادية فى العالم.
يدرك الأمير محمد أيضاً أن الاستثمار بدون استقرار هو وهم ومشروع لا معنى له. ومن هنا تأتى أهمية مسألة تشخيص الخطر بدقة على أمن المنطقة حينما قال إن «تهديد أمن المنطقة يأتى من إيران والقاعدة والإخوان وداعش».
رسالة الأمير محمد متعددة الأبعاد والجهات، فهى خطاب لزيادة طمأنة الداخل السعودى، ودعم استقرار أسواق المال، وتحذير لإيران وحلفائها، ومنظمات الإرهاب التكفيرى.
رسالة الأمير محمد للغرب، وتحديداً لواشنطن، فيها ذكاء فى عدم الاشتباك مع الداخل الأمريكى فى أروقة مراكز صناعة القرار فى واشنطن التى تحاول أن تجعل السعودية تدفع ثمن خصومة وخلاف هؤلاء مع الرئيس دونالد ترامب، وما أكثرهم الآن فى واشنطن.
فى هذا المجال قال الأمير محمد إن «العلاقة مع واشنطن استراتيجية ولن تتأثر بما تقوله بعض دوائر الإعلام».
هذا الموقف شديد الذكاء، لأن المحور القطرى - التركى - الإخوانى فى واشنطن يسعى دائماً إلى جرّ الرياض وأبوظبى والقاهرة إلى سجال مستمر وشجار وشد وجذب دائم فى ساحات الكونجرس وعلى الفضاء الإلكترونى.
يبدو الأمير السعودى هادئاً متفائلاً قوياً، والأهم من ذلك أنه مستعد تماماً لما قد تأتى به الأيام المقبلة.