توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

"لخمة الأستاذ" أمام "حيرة" الطالبة؟

  مصر اليوم -

لخمة الأستاذ أمام حيرة الطالبة

حسن البطل

يروى من طرائف ذهول أبو "النسبية" إلبرت أينشتاين أنه كان في معتزل جبلي مثلج، وقصده جاره الصبي سائلاً إياه جمرات من موقدته. حار العالم مفتشاً عن وعاء مناسب، فما كان من الصبي إلا أن احتضن بكف يده رماداً من الموقدة، وقال للعالم: ضعها هنا!
من حيرة عالم النسبية إلى حيرة د. عادل عبد السلام عالم المورفولوجيا (علم أشكال الأرض) في جامعة دمشق، عندما عنّ لي العام ١٩٦٨ وزميلي أن نشترك في رسالة تخرج من قسم الجغرافيا - الجيولوجيا في جامعة دمشق كان موضوعها "الكلف الشمسي" أي الشامات و"الخال" البارد نسبياً على سطح نجم الشمس، المتبدل مع كل دورة شمسية من ١١ عاماً.
لا علم للدكتور بالفلك، فاعتذر عن الإشراف، فاخترت شخصياً موضوعا آخر لرسالة التخرج وكان عن قارة شبه الجزيرة الهندية، بناء على مراجع منها كتب بالفرنسية معنونة "ماذا أعرف".
تعرفون أن رياحاً معاكسة هبت في أشرعة خريج الجغرافيا - الجيولوجيا، فوجد نفسه إعلامياً في الثورة الفلسطينية، فصحافياً .. الى أن وصلت الى موقعي هذا في "الأيام" بعد ٤٢ سنة من رسالة تخرج لا علاقة لها بالصحافة ولا باللغة العربية.
كنت قبل ٢٥ سنة في حوار، عبر مترجم، مع نائب عميد كلية الصحافة في جامعة صوفيا، موضوعه صحافة العالم الثالث. سألني الدكتور: أين درست الصحافة، وعجَبَ مما بدا له وفرة في ثقافتي الصحافية؟!
والآن؟ جاء دوري لأقدم امتحاني لخريجة لغة عربية، عن "لغتي" في الكتابة الصحافية، فقد اختارتني بعد حيرتها بين ما أكتب في قواعد اللغة ومن أسلوب وبين ما في الكتب والمراجع، ودلالات الأفعال وأزمانها في "لغتي"، وتقديم الفاعل على المفعول به أحياناً، والمعنى الدلالي المختلف، وبخاصة موقع الفعل المبني للمجهول، وتناطح زمن الأفعال: ماضية وحاضرة ومستقبلية!
هي طالبة ماجستير في اللغة العربية وآدابها، وأنا خريج جغرافيا، عليّ أن أُجيب على أربعة أسئلة أكاديمية عويصة حول موضوع "أنماط الجملة الفعلية في المقال السياسي" .. أظنني سأرسب في الامتحان، ولو لم أرسب سنة في دراستي ١٦ سنة.
مع احترامي البالغ للغتنا العربية، فإن الطالبة تعرف دور الصحافة في التكسير والتجبير للسان العرب وتطوير "اللغة الصحافية"، وتعرف أن "الأسلوب هو الكاتب".
.. وقد تعرف هذه الصيحة "أنقذوا اللغة من النحويين" أي من حراسة قواعدها الصارمة.
يمكن لكل كاتب أن يقيّم كتابات غيره لغة وأسلوباً ودلالات، ويمكن لكل ناقد أن يقيم قصائد الشعراء، لكن لا تطلب من الكاتب أن يفسر او يقيم أسلوبه في الكتابة، كما لا تطلب من الشاعر أن "ينقد" لغته وصوره الشعرية. أنا أكتب وزملاء من حراس اللغة يدققون.
لشاعرنا القومي محمود درويش شعر في اللغة، أو في لغته: "لتنقلب لغتي عليّ / على سلالالتي / على الزمن العدو / على زوال لا يزول" .. ربما لهذا صار للشاعر رامبو مكانة في إغناء اللغة الفرنسية.
صحيح، أنني كنت في الثانوية العامة أكتب مواضيع "الانشاء" المدرسي بلغة تروق لمعلم العربية، فيقرؤها على صفوف أخرى، لكنني لم أكن أشطر الصف في إعراب اللغة نحوياً وقواعدياً. هذا جوابي على سؤال "الامتحان" الأول حول أسباب وأسلوب استخدام الفعل المبني للمجهول. أوافق على تفسيرها أن السياق استدعى ذلك. بصراحة أنا "أنكتب" قبل أن "أكتب"!
ما الوظيفة الدلالية لاستخدام "قد" و"لقد" في الفعل المضارع؟ صراحة بَعُد عهدي بما تعلمته من قواعد ومعان ودلالات .. وهذا جوابي على السؤال الثاني: أميز بين ظرف زمان وظرف مكان، ولك أن تفسري ما شئت.
لماذا تتداخل في اسلوبك الأفعال الماضية والمضارعة؟ هذا سؤال لا أدري جواباً عليه، سوى القول: لينقلب "زمني" عليّ! أو على لغتي!
لدي شبه جواب على سؤال ثالث عن تقديم الفاعل أحياناً، والمفعول به أحياناً. أظن أن جوابي كالتالي: أنا خريج المدرسة الصحافية اللبنانية، وهذه المدرسة هي طليعة الصحافة العربية، وهي متأثرة بإتقان كتابها للغات أجنبية. عليك أن تقرئي "النهار" اللبنانية في الكتابة الصحافية، وأن تقرئي شعر أنسي الحاج مثلاً في أسلوبه اللغوي الفريد .. إنه أغنى العربية أكثر من ابن المقفع والمنفلوطي!
يا زميلتي: هناك الطب العام، وهناك طب لكل جزء من الجسم وعلّة، وهناك طب تشريح الجسم، وآخر للسموم، وثالث للأمراض المتوطنة، ورابع لطب الأوبئة .. فلنفترض أن اللغة هي الجسم السليم أو العليل، فلا تطلبي من صحافي أن يكون لغويا أو من لغوي أن يكون نحويا، او من كاتب ان يفسر اسلوبه في الكتابة.. هذه مهمة الناقد في الاساليب، ومهمة النحوي في اللغة.
أما إن كانت حمالة معان نحوية متعددة، كما تقولين، فهذا هو اختصاصك الأكاديمي، وبخاصة أن كاتب هذا العمود كمن يحمل "كشكولاً" او "جراب الكردي" في طرقه مواضيعَ شتى وحقولاً شتى. يمكن للغوي والنحوي أن يضبط الكتابة على قواعدها، لكن لا يمكن سؤال الكاتب حول أسلوب كتابته. ربما كنت كاتباً شاملاً لكن ليس في اللغة والنحو.
لذلك، فإن حيرتك بين أسلوبي في مقالاتي وبين ماضي الكتب والمراجع، هي حيرتي أيضاً و"لخمتي" التي تقلّ قليلاً عن لخمة عالم النسبية، وحيرة دكتور "المورفولوجيا" في الفلك، وأحوال نجم الشمس من هيجان وركود، ومن "كلف" شمسي يتكرر كل ١١ سنة.
أعرف أن البعض يعتبرني "أستاذاً" في كتابة المقالة (يحمل جائزة فلسطين" لكن يبدو أنني التلميذ في النحو، وربما أرسب في صفوف مجامع اللغة العربية.
لك اعتذاري، ولعل أستاذك المشرف على رسالة الماجستير يزيدك علماً، بقدر ما زدتني "لخمة" وحيرة.
حتى الطبيب الجراح لا يجري عملية جراحية نفسه - لنفسه. وشكراً.
"نقلاًعن جريدة الأيام الفلسطينية"

 

GMT 05:50 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

هل لديك الشجاعة؟!

GMT 05:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

الأدوات السياسية

GMT 05:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

كيف نتصدى لإيران في الخليج؟

GMT 05:31 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"الممر"

GMT 05:28 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عيون وآذان (إسرائيل تتآمر على ما بقي من فلسطين)

GMT 02:12 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

«صاحبة الجلالة» ليست دائماً بريئة!

GMT 02:05 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرجيلة «حزب الله» وجمر إيران!

GMT 01:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

شرعية الإنجاز

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لخمة الأستاذ أمام حيرة الطالبة لخمة الأستاذ أمام حيرة الطالبة



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon