حسن البطل
على الأغلب، لن تشعر ليلة 20/21 آذار بالانتقال من فصل الشتاء إلى فصل الربيع، عبر برزخ الاعتدال الربيعي. نوماً هنيئاً أو ليلة بيضاء! على الأغلب، ستحمل باقة ورد مثلاً إلى أُمّك في يومها/ عيدها العالمي، الموقوت عمداً على بداية الاعتدال الربيعي.. أو ربما ستكون في المقهى وشيشة التنباك في فمك أو ورق الشدّة في يدك، أو بصرك شاخصا على فضائية ما تبثّ وقائع حيّة لزيارة المستر أوباما لـ "مقاطعة" عرفات في رام الله. .. وأنا؟ سأقرأ، أولاً، في الصحف ماذا قرّرت لجنة تنسيق الدول المانحة في بروكسل لتعويم و"تعكيز" الاقتصاد الفلسطيني، وسأقرأ ثانياً تغطية لقاء أوباما مع نخبة مختارة أميركياً من شبيبة فلسطين في إحدى المؤسّسات بمدينة البيرة القريبة من "المقاطعة"، وسأُقارنها بلقائه مع نخبة مختارة أميركياً من طلبة الجامعات الإسرائيلية. لماذا حصيلة لقاء بروكسل للمانحين أهم من زيارة تستمر 5 ساعات لـ "مقاطعة" عرفات في رام الله؟ لأنه ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان".. وهذا صحيح ولأن "أعطنا خبزنا كفافَ يومنا".. وهذا صحيح، أيضاً! .. ولأن اجتماع بروكسل هو نتيجة جملة تقارير دولية وفلسطينية توالت على مدى أسابيع منذ تقرير البنك الدولي الافتتاحي، فإلى تقرير صندوق النقد الدولي التالي، إلى تقرير المستر توني بلير، المندوب الخاص للجنة الرباعية.. وأخيراً، تقرير حكومة السلطة إلى المؤتمر "فلسطين: دولة تحت الاحتلال" وتقرير "بكدار" السنوي عن وضع الاقتصاد الفلسطيني في عام النحس هذا؟ هذه التقارير مبنية بعضها على بعض، أو أنها "نسخ كربون".. ولكن بألوان قاتمة أو رمادية أو ملونة، وهي محصّلة وضع غير عادي، لأنه حسب تقريري البنك والصندوق الدوليين فإن مؤسسات السلطة قادرة نظرياً على حمل عبء الدولة.. لولا عبء الاحتلال المغلف بالعديد من الأغلفة: غلاف جمركي واحد بين دولة متقدمة اقتصادياً وسلطة نامية، وغلاف أمني لا يحدّد حدود الأمن الإسرائيلي، من حدود السيادة، من حدود الاستيطان؛ واستيطان يتبع أغلفة أمنية ـ سياسية ـ اقتصادية بين مناطق (أ. ب. ج). .. وأخيراً، إن كان لزيارة أوباما معنى إضافي، فهو أن إسرائيل وفلسطين "غلاف دبلوماسي" واحد في الزيارات الرسمية لكبار الزائرين الأجانب.. وهذا منذ الزمن الأوسلوي، أو الزمن الماضي ـ المستثمر، دون زمن المستقبل الذي تحاول التقارير الدولية والزيارات السياسية فتح كوّة فيه اسمها "دولتان لشعبين".. صرنا نستقبل كبار الزوار بمراسيم تليق بدولة على الطريق، لكنها مشروع دولة يقوم فيها البنك والصندوق ولجنة الدول المانحة بمهمة "وزير مالية أعلى" أي يتولى الهندسة الخارجية للبيت، تاركاً لوزير مالية السلطة أن يكون تنفيذياً، أي الهندسة الداخلية وتوزيع الأثاث. نعم، قرأت التقارير الدولية الصادرة عن البنك والصندوق وممثل الرباعية وجميعها إعادة صياغة عن تقرير البنك، لكن تقرير السلطة إلى لجنة تنسيق المانحين هو الأهمّ والعملي، فقد وضع عبء القيود الإسرائيلية على عمل ومشاريع السلطة والناس في المنطقة (ج) في المقدمة لا في التقارير الدولية. *** يزورنا الرئيس الـ 44 لمدة خمس ساعات سيمضيها (جلسة رسمية، مؤتمر صحافي، وجبة خفيفة، لقاء مع الشبيبة) و26 دقيقة في كنيسة المهد، وربما يعلن في مؤتمره الصحافي الرئاسي عن رفع القيود المالية الأميركية على السلطة عقاباً لها على قرار الدولة الصادر عن الجمعية. وأنا؟ لن أحمل لافتة احتجاج ولا لافتة ترحيب، لكني أودّ طرح سؤال: لماذا أمسكَ سلفك جيمي كارتر بمصباح علاء الدين السحري وصنع سلاماً بارداً بين مصر وإسرائيل؟ ولماذا لا تحمل لا المصباح، ولا البساط السحري، ولا مشروع مبادرة سياسية.. ومع ذلك تقول إن العام 2014 عام الدولة، كما قال سلفه إن العامين 2005 و2008 سيكونان عام الدولة. ".. أهلكني تأجيل عام بعد ذاك فعام"! حسن البطل
نقلاً عن جريدة الأيام