توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

تموت يا أبي إذا حكيت مليون كلمة!

  مصر اليوم -

تموت يا أبي إذا حكيت مليون كلمة

حسن البطل

يقال: ربط على لسانه، أو انعقد لسانه. يقال: أصيب بالخرس .. ويقال، ايضاً: قليل الكلام. لم يربط أحد على لساني، ولم تنعقد آلة النطق في جسمي. لم أُصب بالخرس بعد (أخشى أن أصاب بالخرف) ولكنني قليل الكلام. ربما لأنني وحدي، أو لا أختلط بالناس بروحي وجسمي وقليلاً بلساني. ربما أفكر بماذا سأملأ هذا العمود. أو إذا نطقت بأول فكرة لهذا العمود أخرسوني وقالوا: "اكتبها". ربما أكتب كلمات يومياً بأكثر مما أنطق. اكتشفت أنني أكتب يومياً تحت الـ ٥٠٠ كلمة يومياً او فوقها يومياً .. لكنني لا أحكي، أحياناً، مائة كلمة يومياً او مائتين. نعم، أقرأ آلافاً مؤلفة من الكلمات المكتوبة يومياً. سريع القراءة. ليس كلمة كلمة ولا جملة جملة، ولا حتى فقرة فقرة، بل أقرأ مساحة فقرات حسب الموضوع، وخاصة في المقالات السياسية والفكرية .. وليس في الشعر.. إما اقرأ كلمة كلمة وإما أعزف عن القراءة. لما كنت صغيراً، نصحني أخي الكبير نصيحة. قال: تكلم ببطء .. وإلاّ لن يفهم غيرك عليك اذا صرتَ كبيراً. لاحظ أنني أبتلع أواخر حروف الكلمة. لما كنت أصغر، بين الخامسة والسادسة، كان أبي كثير الكلام معي، قليل الكلام في بيته، كثير الكلام مع الناس، كان يتوسمّ فيّ ذكاء ما. ماذا نصح الولد والده: يابا .. أنت كثير حكي، الله خلق كل واحد وعبأه بمليون كلمة. إذا فرغت الكلمات .. مات، وأنا ما بدي تموت! لعقل الطفل الصغير تبدو المليون كلمة رقماً مهولاً. طفل لا يحفظ جدول الضرب، وبالكاد يعدّ من العشرة الى المائة، فكيف يعد المليون كلمة. حصل أن نظرت الى القمر بتلسكوب أخي، تساءلت بسذاجة غلام في الثامنة، ما هذه اللطخة على خدّ القمر؟ أبي كان يتوسم ذكاء في ابنه، أخي قال لي: يا حمار .. ليس القمر وجه إنسان، وليس على خدّه سوى جبال ووديان. تناول مجلة "لايف" الأميركية المصورة، هذه مجرة درب التبانة، أين الأرض وأين القمر. صرت مغرماً بالفلك من يومها. صرت "دودة كتب" وكلما قرأت قل لساني عن الدوران.. لكن في الصف السابع طرح المعلم سؤالاً: هل عقل الإنسان محدود ام غير محدود؟. وحدي من تلاميد الصف عارض المعلم. قلت "غير محدود". جادلني وجادلته، قال: أنت ولد كافر.. وطردني من حصّة الصف! في الصف الحادي عشر، وكان العام ١٩٦٣ والوضع في سورية مضطرب بعد انفصال سورية عن مصر، ودعوات عودة الوحدة، سألني زميلي محمد عربي: اذا نشبت حرب مع اسرائيل.. من سيفوز؟ هو كان مدمناً على قراءة مجلة "العربي" الكويتية. كان جوابي بالقلم على كتابه، رسمت نجمة داوود والى جانبها اشارة "صح". لمّا رأى المعلم، خطفاً، الرسمة، وكان فلسطينياً في مدرسة سورية، ثارت ثائرته، لما عرف المعلم ان الرسمة لي أحالني الى مدير مدرسة جول جمال - دمشق - شارع الصالحية، الذي طلب مني إحضار "ولي أمري". كان أبي قد مات لكثرة ما يشكو لسانه خذلان "هدول الزعما العرب" وهو المحارب ابن المحارب. لما جاء أخي معي الى مدير المدرسة، لم يكن يعتقد أنني "حمار" يرى لطخة على خدّ القمر، دافع أخي عن ذكائي وقلة كلامي وكثرة قراءاتي، فاستنتج المدير نتيجة غريبة: هذا الشاب حاقد على المجتمع وعلى العروبة يلزمه علاج نفسي! بدلاً من فصلي اكتفى بطردي ١٥ يوماً عن المدرسة، التي تخرجت منها قبل ان تقع واقعة هزيمة حزيران ١٩٦٧. لا أدري ماذا فكر زميلي في الصف، وهو عروبي ناصري، وأين كان عندما وقعت هزيمة حزيران. كبرت، صرتُ إعلامياً ثم صحافياً، كثير الكتابة، قليل الكلام، وحظيت بزوجة اولى لا تعرف كيف "تنق" ولكن كيف تحكي مع مثقفين كبار من لبنان والعراق وفلسطين. شاعر ومفكر كبير، كتب قصيدة في مديح الثورة الإسلامية الإيرانية "شرفك يا غرب .. مات" .. فأومأ المستمعون برؤوسهم، وأنا صامت. سألني رأيي. قلت: هذا الزعيم لهذه الثورة الإسلامية أخطر على العروبة من الصهيونية. قليل الكلام، كثير الكتابة .. لكن سألتني صديقة في جامعة دمشق عن رأيي في الحركة الفدائية بعد أيلول عمان. قلت لها كلمات: سيأتي يوم ونهز فيه العالم! التقيتها بعد ثلاثين سنة. قالت: أُصدّق ما قلت.. ما تقول .. وما ستقول. سأكتب عنك كتاباً من وحي ما كنت تكتب لي في الجامعة. لا يهمني إن كتبت. يهمي ما تقولون عما أكتب.

GMT 05:50 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

هل لديك الشجاعة؟!

GMT 05:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

الأدوات السياسية

GMT 05:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

كيف نتصدى لإيران في الخليج؟

GMT 05:31 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"الممر"

GMT 05:28 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عيون وآذان (إسرائيل تتآمر على ما بقي من فلسطين)

GMT 02:12 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

«صاحبة الجلالة» ليست دائماً بريئة!

GMT 02:05 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرجيلة «حزب الله» وجمر إيران!

GMT 01:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

شرعية الإنجاز

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تموت يا أبي إذا حكيت مليون كلمة تموت يا أبي إذا حكيت مليون كلمة



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon