توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الشـفـرة؟!

  مصر اليوم -

الشـفـرة

حسن البطل

"اليقظة التي في النوم، والنوم الذي في اليقظة". من القائل؟ أنا أقتبس العبارة، ولا أنسبها إلى قائلها. ابن عربي؟ النفّري؟ التوحيدي. أخلط بين عبارات هؤلاء، وبين صوفي ومعتزلي. لكنني، قبل ثلاثين عاماً، استيقظت من نومي. "اليقظة التي في النوم، والنوم الذي في اليقظة" منعني الاستيقاظ من الانتحار ليلتين في اسبوع. كيف دفعني "اللاوعي" الى الإمساك بشفرة حلاقة تقليدية بأصابع يدي اليمين، ومحاولة قطع شرايين يدي، بين الكف والساعد؟ من أين التقطت الشفرة؟ هل سرت اليها كما يسير النائم "في النوم الذي في اليقظة"؟ جالساً على طرف السرير وفي أصابع يمناي شفرة، وأصابع كف يسراي مضمومة بتشنج. كيف أيقظني الوعي من اللاوعي .. فأخزيت عين شيطان اللاوعي؟ يقولون: الشيطان دفعك للموت انتحاراً، او يقولون: الشيطان منعك من تلاوة القرآن! اذن، سرتُ نائماً باللاوعي. حررت شفرة الحلاقة من جرابها الورقي المزدوج. جلست على طرف السرير المفرد (سفري) في غرفة لا يشاركني فيها أحد .. ثم استيقظت! هل اصفرّ وجهي؟ لم أنظر في مرآة. هل زاد وجيب قلبي؟ نسيت. ماذا فعلت؟ رميت شفرة الحلاقة، كيفما اتفق، بين رفوف خزانة ملأى بالكؤوس والصحون والصواني ونمت..! قلت مرتين في ليلتين خلال أسبوع، إذ في المرة الثانية أيقظني وعيي عن محاولة ثانية لا واعية .. وكنت مستلقيا، وذراعاي مرفوعتان بتشنج، والشفرة بين أصابع يمناي. كيف وجدت الشفرة الحقيرة بين رفوف الخزانة؟ هل رأيتها نائماً، وسرت إليها نائماً، والتقطتها نائماً؟ لم أخبر أحداً، ولا بالذات أمي، عن كابوس مزدوج، نصفه في اللاوعي، ونصفه في الوعي. كل ما فعلته أنني التقطت بنطالي، والتقطت من جيبه الخلفي حافظة الأوراق والنقود، ودسست الشفرة بين جيوب الحافظة. هل تصدقونني؟ مرّت ثلاثون سنة أُخرى، بعد ثلاثين سنة، وثمة شفرة حلاقة لها مكانها بين جيوب حافظة النقود. سأهزم شيطان اللاوعي بعقلي الإنساني الواعي. ثلاثون سنة لم تتكرر محاولة الانتحار اللاوعية مرة ثالثة، وخلالها كنت استعمل الشفرة في مآرب أخرى، لعود الثقاب مآرب اخرى غير الاحتراق، ملموس ايضاً، للخيط لسلك الكهرباء .. وحتى للحذاء..الخ! عندما رويت القصة لاصدقاء هذا العام كذّبوني، لكن ابرزت لهم شفرة حلاقة بين جيوب الحافظة فهي لا تكذب. تنام بجرابها الورقي بين بطاقات الصراف الآلي و"كرت" عداد الكهرباء، وبطاقات الصحافة .. وصور جواز السفر..الخ! هكذا، تحديت شيطان اللاوعي وقهرته بالوعي .. لكنني، خلال النصف الثاني من عمري، راودتني فكرة الانتحار مرّتين وأنا في وعيي. مرّة كنت بلا نوم أياماً، موقوفاً في مطار خلدة اللبناني عام ١٩٦٥، بعد هبوط اضطراري لطائرة P.A الباكستانية. المسافرون امتطوا طائرات أخرى، وأخي وأنا بقينا في "التوقيف" لأننا نحمل وثائق سفر للاجئين الفلسطينيين في سورية لا يجوز لهم دخول لبنان، أو أن أخي البارز في الحزب السوري كان ممنوعاً من دخول لبنان بعد محاولة الحزب للانقلاب. ممنوع السفر براً من بيروت لدمشق، وعلينا انتظار طائرة من طراز DC4 قادمة من حلب وعائدة الى حلب تقل في عودتها مسافرين اثنين. لامني أخي إذ عاملت المضيفة بفظاظة تصدر عن شاب أمضى ليلتين على كرسي. اندفعت الى باب الطائرة محاولاً فتحه، وإلقاء نفسي من علو في البحر. مرّت المضيفة ضاحكة وقالت: "التواليت هناك". الى الآن، أشعر بخدر في ساقي كلما وقفت على مرتفع شاهق ونظرت الى الأسفل. وفي المرة الثانية؟ تعرفون أن مخدرات معينة تجعل المتعاطي يتوهم أنه طير بجناحين. لم أتناول أي مخدر في حياتي سوى البنج الطبي.. لكن سهرة منتصف ليلة عام جديد، كانت أرملة المغدور كمال خير بك، عميد الدفاع في الحزب السوري القومي، تسهر معنا في بيت الشاعر أدونيس. كانت ترتدي الأسود، وتلتحف بشال ابيض، ترقص رقصة الثكلى وتغني أغاني الفراق. أوصلناها الى بيتها أول الفجر. دعتنا الى كأس أخيرة. رقصت وغنت. شعرت أنني طير. خرجت الى الشرفة، وراودتني فكرة الوثب منها. هممت بالوثب. جاءت زوجتي: "حانت ساعة الانصراف". أربع محاولات انتحار. مرتان هزم الوعي اللاوعي "اليقظة" التي في النوم. مرتان هزم الوعي اللاوعي "النوم الذي في اليقظة". الشفرة تبقى في حافظتي. أحياناً أرفعها قبل سفرة جوية. أحياناً أنسى وترافقني في السفر. شاعر قديم قال: لو فارق ذكر الموت قلبي ساعة واحدة .. لفسد! "الأيام"

GMT 05:50 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

هل لديك الشجاعة؟!

GMT 05:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

الأدوات السياسية

GMT 05:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

كيف نتصدى لإيران في الخليج؟

GMT 05:31 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"الممر"

GMT 05:28 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عيون وآذان (إسرائيل تتآمر على ما بقي من فلسطين)

GMT 02:12 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

«صاحبة الجلالة» ليست دائماً بريئة!

GMT 02:05 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرجيلة «حزب الله» وجمر إيران!

GMT 01:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

شرعية الإنجاز

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الشـفـرة الشـفـرة



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon