توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أوكرانيا وفلسطين: القياس والبرهان

  مصر اليوم -

أوكرانيا وفلسطين القياس والبرهان

حسن البطل

لا نفهم علاقة الجيولوجيا بالسياسة، كما نفهم علاقة السياسة بالجغرافيا مثل هنري كيسنجر (جيوبولتيكا) وعلاقة هذه بالاستراتيجية، أو نفهم علاقة الفيزياء بالكيمياء. مع هذا، يخيّل إليّ أن غرام اليهودية والصهيونية والإسرائيلية بالقياسات (وهي شكل من أشكال البراهين) تشبه، في استحالة الفهم، علاقة الجيولوجيا بالسياسة. في الجيولوجيا هناك صخور: رسوبية، متحوّلة، واندفاعية (نارية).. لكن هناك شكلا رابعا خليطا وهجينا يسمى "كونفلوميرا" في اللغة العلمية العالمية لعلم طبقات الأرض (الجيولوجيا)، وقد عرّبوه في جامعة دمشق إلى صخر (المشبّك)! صخر المشبّك هو أنقاض ومهيلات صخور منفرطة، قريبة من سطح الأرض، قد تتماسك بملاط تحت قوة الضغط الفيزيائي، لكن ليس بقوة تماسك عناصر صخر "الغرانيت" الثلاثة: مرو (كوارتز)، فيلدسبات، ميكا. "الكونفلوميرا" الإسرائيلية مجموعة من المهيلات والأنقاض من الخرافة والاسطورة و"الوعد الإلهي" و"خراب اليهكل" و"الهولوكوست" ويجمعها، حالياً، ملاط لاصق هو القوة. لنترك التاريخ نائماً من هيرودوت إلى "اختراع أرض إسرائيل" لشلومو ساند، إلى محاولة إسرائيل للبرهنة على فرادتها، بغير "الوعد الإلهي" و"وعد بلفور".. وحتى "قرار التقسيم". في كل حالة تاريخية، من الغزوات الصليبية، إلى نظام سياسة ومصير الفصل العنصري السابق في جنوب أفريقيا، إلى نضالات الشعوب من أجل حريتها واستقلالها، يقولون في إسرائيل إن هذا ليس قياساً للحالة الإسرائيلية بما فيها الاحتلالات لشعوب وأراض أُخرى. تشظي اتحاد يوغسلافيا، عرقياً ودينياً، لا يشكل علاقة قياسية إلى احتمال تشظي إسرائيل نتيجة احتلالها لفلسطين، ولا مقاطعة "كيبك" في كندا تشبه حالة سيطرة إسرائيل على الضفة، ولا تتطلع اسكتلندا للانفصال عن المملكة المتحدة.. ولا.. ولا إلخ! فإلى المسألة الراهنة العالمية، وهي انفصال أو استقلال شبه جزيرة القرم عن أوكرانيا، لأسباب سياسية واقتصادية وتاريخية ولغوية ودينية وثقافية.. وما هبّ ودبّ من اسباب. أخذ وزير حربية إسرائيل، موشي يعلون، أو "صوت سيّده" نتنياهو من هذه المسألة دليلاً على "رخاوة" أميركا والغرب، كما في المسألة النووية الإيرانية، وانتقال مصر من مرسي إلى السيسي، والعراق.. وأفغانستان إلخ! وخلص إلى القول "إن لم أكن لي، فمن يكون لي"؟! سنقفز حول أزمة أثارتها تفوهاته، عن تفاوت النظرة الاستراتيجية الإسرائيلية عن مصالح السياسة الاستراتيجية الأميركية.. رغم "العلاقة الاستراتيجية" بين البلدين. في العام 2014 استعادت موسكو "هدية" الأوكراني نيكيتا خروتشوف للرفاق في أوكرانيا، هي ضم القرم لروسيا، وتم ذلك باستفتاء وافق فيه 93% من سكان القرم على العودة إلى حضن الرفيق الكبير و"الدب الأكبر" لأسباب قومية ولغوية وتاريخية وسياسية.. إلخ! الطريف في الأمر أن اسم "اوكرانيا" يعني في اللغة الروسية القديمة "البلد الطرف"، والأكثر طرافة حتى السخف، أن الغرب لا يعترف بالاستفتاء، أي لا يعترف بحق الشعوب في تقرير مصيرها. جوهر الأمر، فيما يخص علاقة "قياس" بين القرم وفلسطين، أن استقلال فلسطين يجب أن يمرّ عبر استفتاء شعب الدولة القائمة بالاحتلال، كما استفتاء الأوكرانيين جميعاً حول استقلال القرم وانضمامها إلى روسيا! دولة "التهويشات" السياسية الإسرائيلية حول "قياس" الحالة الأوكرانية على حالة الاحتلال الإسرائيلي للضفة، فإن القرم ليست - شعباً ولغة وتاريخاً- جزءاً من أوكرانيا، التي عليها أن تبارك انفصال القرم الذي يشدّها إلى النفوذ والهيمنة الروسية أو "الاستعمار الروسي" بلغة أميركا وأوروبا. المعنى، كما يقول دمتري شومسكي ("هآرتس" 20 آذار) أن السيطرة على أراضي الغير تعني العبودية الذاتية للقوة المسيطرة، ولو بدت "حرية وهمية"، أي كما أراها ذات علاقة بالوعد الإلهي ووعد بلفور، وقرارات عصبة الأمم .. التي صارت الأمم المتحدة وفي ميثاقها حق الشعوب في تقرير مصيرها، وحق الشعب الفلسطيني، بالتالي في التحرر من الاحتلال، دون قياسات إسرائيلية أنه لم تكن هناك قط دولة فلسطينية عبر التاريخ، الذي كانت فيه امبراطوريات عابرة للديانات والقوميات.. والقبائل. وكم دولة وشعباً في أميركا الجنوبية وأفريقيا لم تكن دولاً من قبل؟ كان سكان هذه الأرض المقدسة القدماء وثنيين، ثم صار بعضهم يهوداً، ثم عرباً مسيحيين، ثم عرباً مسلمين.. ثم فلسطينيين.. وكانوا قبائل وليسوا "شعوباً" و"ممالك" وليسوا دولاً. لذلك، فالقياس التاريخي (ادعاء بيبي بأربعة آلاف عام) والقياس السياسي من جنوب أفريقيا إلى يوغسلافيا وأوكرانيا تستخدمه إسرائيل بشكل معوج لا علاقة له بالبراهين السياسية الراهنة، وأبرزها حق الشعوب في تقرير المصير وتشكيل دول. هذه "كونفلوميرا" من أشكال القياس اليهودية والصهيونية والإسرائيلية تحت ضغط "قوة الاحتلال" لا حقائق سياسية راهنة، ولا عرقية ولا دينية. على إسرائيل أن تتحرر من الاحتلال أو تغرق هي وقياساتها تحت وطأة الاحتلال. ألا تقول النظرية الصهيونية الأصلية: كل مجموعة من البشر تعتبر نفسها شعباً فهي شعب؟.

GMT 05:50 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

هل لديك الشجاعة؟!

GMT 05:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

الأدوات السياسية

GMT 05:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

كيف نتصدى لإيران في الخليج؟

GMT 05:31 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"الممر"

GMT 05:28 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عيون وآذان (إسرائيل تتآمر على ما بقي من فلسطين)

GMT 02:12 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

«صاحبة الجلالة» ليست دائماً بريئة!

GMT 02:05 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرجيلة «حزب الله» وجمر إيران!

GMT 01:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

شرعية الإنجاز

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أوكرانيا وفلسطين القياس والبرهان أوكرانيا وفلسطين القياس والبرهان



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon