توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

علي الخليلي .. وأبجدية الحياة؟!

  مصر اليوم -

علي الخليلي  وأبجدية الحياة

حسن البطل

بعد احتجاب عن "أبجديات" أجلاها المرض، عاود علي الخليلي، مغالباً احتضاره، أبجدياته في "الأيام" بثلاث مقالات: "أنا والسرطان" 21 / 1 / 2013 و"عيادة وزيارة" عن زيارتي له ٢٨ / ١ / ٢٠١٣، ومقالة الغياب الوشيك هذه .. آخر ما جاد به قلمه المثابر والمعطاء. تحية له في رحيله أعيد نشر "أنفاس شجر اللوز.. إذا تنفس الشجر تنفس البشر .. والحياة بأسرها؟! حسن البطل * * * كِنتي أزهار زوجة ابني هيثم، قالت لي إن شجرة اللوز في حديقة دارنا أزهرت. كأنها قالت لي إن الأرض كلها تألقت بكامل بهائها الربيعي. شجرة اللوز هي السبّاقة دائماً إلى التنفس، قبل غيرها من الشجر. والشجر إذا تنفس (استعارة من "والصبح إذا تنفس"، إذا استوفى بدايات تدفق ضوئه من آخر لحظات الليل، وإذا الشجر أطلق صحوة براعمه بعد سباته الطويل). فرحتُ. ورفعت عنقي قليلاً، مشرئباً بناظري نحو النافذة، وأنا في خناق السرير، وحصار الغرفة، كأنني أريد أن أشاهد ثوب الزفاف الأبيض الذي أحضرته شجرة اللوز من خاصرة غيمة قريبة، كما تفعل كل سنة في هذا الميعاد، قبل أن تطويه بعد بضعة أيام، وتعيده إلى المخبأ المخملي الذي اختارته له. نافذة غرفتي بعيدة عن الإشراف على الحديقة. هي في الجهة الغربية، والحديقة في الجهة الشرقية. لم أر شيئاً. حزنت. أضفت حزني إلى ألمي. أنا أتألم على مدار الساعة، وعلى مدارها أحاول أن أصنع من هذا الألم المتواصل إرادة متواصلة لي. ماذا أريد؟ أن أتغلب على هذا الجسد الخائن مثلاً؟ أن أنتصر على خيانته؟ أن أغير القوانين الفيزيائية بقوانين تصعد من هذه الإرادة الذاتية؟ أذكر أنني كتبت مقالة قبل عشرين سنة أو أكثر، عن كاتب أوروبي أصابه شلل تام شمل كل جسده، بكامل حركاته وسكناته، باستثناء حركة رموش عينيه. وقد استطاع أن يُملي نص قصة له، على صديقته الوفية التي لم تفارقه أبداً، وفق نظام توافقا عليه، لحركة رموشه، كل حركة تعني حرفاً، وكل وقفة تعني جمعاً لأحرف في كلمة. وهكذا، حكاية أقرب إلى الخرافة. أو إلى الكذب. وربما إلى الجنون. أو إلى شهقة التمني الجارف لهذا المشلول. ولكنها ليست خرافة، وليست كذباً، أو جنوناً أو شهقة. بل قوة إنسان ببعده الأسطوري في تجلياته الإنسانية المتحدية. نسيت مع الأسف الشديد اسم هذا الكاتب العملاق. لكنني أذكر على الأقل، اسم قصته "الصدرية والصياد"، إن لم تخذلني الذاكرة هنا أيضاً، فأخطئ في هذا الاسم. لا طاقة لي بمثل هذه القوة الخارقة، حتى في استلهامها، أحس برجفة في الأعماق. لعلها طفرة تطويع للطبيعة لا تتكرر إلا كل مليون عام! ولا أحسب أنني أعيش الآن أحوال هذا التكرار المهيب. مع ذلك، لا أفقد القدرة على تلمس طريقي إلى تداعيات الرؤية ومكابداتها في أطيافه المتوفرة لكل الناس. هذه السنة، لن أتمكن من النزول إلى الشجر وقد تنفس، أو من الصعود إليه على الأصح، فأكلمه ويكلمني، وأفتح لمخيلتي خزائنها المغلقة في الكلام، وفي الصمت. نحن نصعد إلى هذا المهرجان الكوني، ولا ننزل إليه. هو الأعلى، ونحن الأسفل. رجلاي حطبتان معلقتان في خصري. أشتاق إلى المشي على الأرض. غرفتي مليئة بكل آلات ووسائل المساعدة على تحركي خارج خناق السرير. كرسي متحرك، ووكر، عكاز. لكنها جميعها لا تساعدني على استخدام الأدراج. وبيتي مليء بهذه الأدراج. والحديقة مرتاحة في مساحة ترابها، في السياق المترتب لها بعيداً عنها. أحاول أن أكتفي بما يوفره لي السرير المتحرك، من الانتقال من زاوية إلى أخرى، داخل الغرف. أطل من نافذة إحداها على الحديقة، فلا أرى سوى رؤوس الشجر، أو بعض هذه الرؤوس المتسارعة بأغصانها إلى منهل الحياة. أبحث عن شجرة اللوز، فلا أراها، ولو شيئاً من أغصانها. تلطمني الكآبة. لكنني أتمرد عليها. أرتفع بصدري إلى أعلى فوق حافة النافذة، فأرى غصناً مكللاً بالفرح النوراني منها. أرى في هذا الإكليل غير ما يرى العابرون قربي، أو بعيداً عني. أرى أن رجليّ صارتا من لحم ودم. لا حطب ولا انفصال. وأنني قادر على المشي على الأرض. أمشي في الغرفة خطوة، خطوتين. لا بأس. مشيت. تواصلت مع الأرض بجسدي(..) لعنة على التدخين. وعلى هذا الموت الجانبي. لكنني أدخن في السرير، وخارجه. وأعبر في الحلم المهلهل، من قشرة غفوة إلى أخرى، متهدج الأنفاس، بحثاً عن أنفاس الشجر. علي الخليلي نقلاً عن جريدة الأيام

GMT 05:50 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

هل لديك الشجاعة؟!

GMT 05:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

الأدوات السياسية

GMT 05:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

كيف نتصدى لإيران في الخليج؟

GMT 05:31 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"الممر"

GMT 05:28 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عيون وآذان (إسرائيل تتآمر على ما بقي من فلسطين)

GMT 02:12 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

«صاحبة الجلالة» ليست دائماً بريئة!

GMT 02:05 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرجيلة «حزب الله» وجمر إيران!

GMT 01:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

شرعية الإنجاز

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

علي الخليلي  وأبجدية الحياة علي الخليلي  وأبجدية الحياة



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon