مصر اليوم
ابحثوا عن "ذات الشوكة" في المعاجم أو في بطون التاريخ الاسلامي ومروياته، وأنا سأبحث عن "الشوكة" في مؤخرة (مقعدة) نفتالي بينيت. لماذا؟ هو شبه الوجود الفلسطيني في الضفة بـ "الشوكة في المؤخرة".
لولا أن نفتالي هذا يعني اسمه بالعبرية "الشوكة" لما وجدت الأمر والتشبيه طريفاً، ولا مشاريعه لكسر شوكة الفلسطينيين ذات معنى.
هل أن الفلسطينيين هم الشوكة في جسم الاستيطان، أم أن الاستيطان شوكة في جسم الفلسطينيين؟ المهم ان نفتالي (الشوكة) وهو ضابط مختار سابق "يقعد" على رأس قائمة من ١٢ مقعداً في الكنيست ولكنه عاجز عن القعود السياسي على "الشوكة" الفلسطينية!
يقول إنه لن يقلع "شوكته" في مؤخرة حكومة نتنياهو، اذا اختار رئيس حكومته ان يفاوض الفلسطينيين، او ان نتنياهو مهتم بقلع "ذات الشوكة" من تحالف نفتالي يائير (الشعلة) وهما يشكلان معاً ٣١ مقعداً، أي ما يساوي عدد مقاعد الليكود - بيتنا، سوى ان نفتالي لا يرى حلاً في "الحل بدولتين" بينما يرى يائير ان لا حل سواه، ويراه نتنياهو "مرغم أخاك لا بطل".
بلا طول سيرة، هاكم قصة "شوكة" فلسطينية في مؤخرة الاستيطان، او بطل "مغارة" مساحتها ٨م٢ وسط مستوطنات في الولجة - بيت لحم.
لماذا يسكن عبد الفتاح عبد ربه في المغارة؟ لأنهم طردوه من بيته، لكن هذا الفلاح الاسمراني، الذي لا يزن اكثر من ٦٠كغم يقول: لديّ ألف فكرة للبقاء حارساً لـ ٦٣ دونم أرض محاطة بالمستوطنات.
ماذا فعل؟ قرر ان يتحدى انذاراً من المحكمة العليا الاسرائيلية بالرحيل. كيف؟ لا يوجد في القانون الاسرائيلي ترخيص يحظر الاقامة في مغارة.
المغارة صارت محجاً للمتضامنين الأجانب، وجعل عبد الفتاح مدخلها باباً كما للبيوت أبواباً، وعلّق على جدرانها معرض صور جميلا: الأرض والاستيطان والطبيعة.. وايضاً صوراً لشقيقه الذي يمضي حكماً بالسجن ٢٦ سنة لمقاومته الاحتلال.
واحد من الذين حجوّا الى مغارته وحقوله المزروعة بيديه بأشجار الفاكهة، او بحقول الخضراوات، أراني صوراً للمغارة وجدرانها الملأى بالصور، وصوراً لما يشبه الواحة الخضراء.
٣٦ دونم أرض تقف حجر عثرة أمام اتصال مستوطنة بأخرى في الولجة، وهذا الفلاح وجد ثغرة في قوانين اسرائيل، لأن الاقامة في "مغارة" لا يحتاج تصريحاً تحتاجه البيوت في المنطقة (ج).
الانذار بالرحيل صدر ١٩٩١، والقرار بالصمود ما زال مستمراً حتى العام ٢٠١٣، ومغارة مساحتها ٨م٢ لا تحتمل اكثر من زوار كثيرين عابرين، ومن ساكن واحد يعتني وحده بـ ٦٣ دونم ارض.
قبل سنة أصيب عبد الفتاح عبد ربه بجلطة في القلب، فلم يجد من ينقله الى المستشفى غير جنود حاجز. لماذا؟ هل من مشقة الاعتناء بـ ٦٣ دونم ارض أم من استهلاك زجاجة فودكا يومياً؟ توقف عنها بعد الجلطة.
ذكرتني قصة "شوكة" عبد الفتاح عبد ربه في مؤخرة الاستيطان بالولجة، بقصة روسية عنوانها "قصة رجل حقيقي".
كان الرجل طياراً حربياً سوفياتياً على طائرة ميغ ١٥ في الحرب ضد النازي، فقد ساقيه بعد سقوط طائرته، فقيل له: لقيادة طائرة يلزم ما يلزم الراقص أي قدمين سليمتين، فتعلم الرقص بقدمين صناعيتين، ثم عاد للتحليق في الجو.
هذه قصة فلاح فلسطيني حقيقي جعل ٦٣ دونم ارض "شوكة" في مشروع الاستيطان في الولجة، او مشروع إكمال الطوق الاستيطاني على بيت لحم.
"موسم الحصيدة"
يحكون في بلادنا عن عودة قريبة لـ "موسم البطيخ" الفلسطيني، وعن موسم مشمش يستمر اياماً في جفنا .. وبالطبع واولاً عن موسم قطاف وعصر الزيتون .. وعن موسم الحجر على مدار العام.
فيصل، من عطارة، ويعمل في "الأيام" يتحسر لأن أحداً لا يلتفت الى "موسم الحصيدة" اي حصاد القمح والشعير في هذا الشهر الحزيراني.
قال إن الحصاد صار يقتصر على اراضي طوباس وطمون، وانقرض تقريباً من بلدته. لماذا؟ قال أسباباً اقتصادية، واخرى عملية ومنها أن الخنازير البرية تأتي على البذار، وحتى على ثمار التوت تحت الاشجار وعلى الخضراوات.
القمح أساس "الأمن الغذائي" لكن "موسم الحصيدة" لم يعد موسماً فولكلورياً في بلاد بعل "سوى على لوحات الرسامين والصور القديمة؟! لماذا؟!