مصر اليوم
عرب اختراع الصفر والأرقام، اصطدم اختراعهم بحاجز المليون، فكانوا يقولون عنه "ألف ـ ألف وصار العالم يقول عن المليار "ألف ـ مليون".. وصعد إلى التريليون "ألف ـ مليار" في ميزانية الولايات المتحدة مثلاً!
عادت قمة الدوحة إلى خرافية "إبريق الزيت" وأعلنت قطر مشروع تأسيس صندوق القدس بمبلغ مليار دولار، تدفع منها قطر ريعها.
لو أن الاثرياء العرب دعموا مشروع المرحوم فيصل الحسيني "اشتر زمناً في القدس" لربما استطاعوا ببعض ثرواتهم الطائلة شراء ساعات طويلة وربما أياماً، وليس ثواني وهي أصغر وقت على معصم ساعتك.. ولا شيء في الزمن القدسي.
وزير خارجيتنا رياض المالكي متفائل بالقرارات المالية للقمة، وأنا متشائل ـ متشائم بقراراتها السياسية بخصوص سورية والصلحة الفلسطينية، عدا قراراتها المالية. لماذا؟
القمة قررت تشكيل وفد للطواف على الدول العربية لحثها على الإسراع في تمويل "شبكة الضمان" العربية بقيمة 100 مليون دولار شهرياً.. وربما شكلت القمة السابقة وسابقتها وفود جباية مماثلة.
المليار دولار مبلغ ضخم في الحساب المالي الفلسطيني، وضئيل الشأن في حساب الميزانية الإسرائيلية.. وتقريباً تافه في موازنة مئات التريليونات وآلافها في الميزانية الأميركية!
لا أعرف هل خصصت قمة عربية سابقة مليار دولار لـ "إنقاذ عروبة القدس" وفيها قال شاعر عراقي هو مظفر النواب "القدس عروس عروبتكم" لكن أتذكر أن عاهل العربية السعودية "اشترى" صلحة مكة بين "فتح" و"حماس" بمبلغ مليار دولار. المبلغ تبخّر لأن الصلحة تبخّرت.
ربما بعد عشرات السنوات سيخترعون رقماً يطوي رقم التريليون، ويصير "ألف ـ ألف" تريليون حاملاً رمزاً جديداً، وهذا بفعل التضخم النقدي، ويذكرني هذا بقصة طريفة حيث حررت واشنطن إلى صاحبة الجلالة البريطانية شيكاً بمبلغ 10 ملايين جنيه استرليني مساعدة لبريطانيا العظمى في الصمود أمام صواريخ هتلر F1 و F2.
هذه الأريحية العربية ـ القطرية ليست في النوايا "بنت ساعتها" لكن توقيتها جاء بعد إفراج أميركا عن مساعداتها للسلطة، وإفراج إسرائيل عن اعتقال عائدات ضريبة المقاصة، وقيام الاتحاد الأوروبي بواجباته المضادة خير قيام!
وفي المحصّلة؟ أصدرنا مشروع الميزانية الفلسطينية في آخر وقت وقبل يوم من 31 آذار، متأخرين أربعة شهور عن وقتها المعتاد في تشرين الثاني، والطريف أن الصحف الإسرائيلية قارنت بين ميزانيتنا وميزانيتهم، والفارق هو 25 ضعفاً لصالحهم.. فقط!
إكليل غاز للفصح اليهودي
خلّينا في المصاري والفلوس والاقتصاد، فعشية عيد الفصح اليهودي باشروا نقل الغاز من حقل "تمارا" البحري، على بعد 80 كيلومتر من الشواطئ إلى ميناء أسدود.
.. ومن ثم؟ هتف الإسرائيليون أن بلادهم صارت "قوة غازية" عظمى إقليمية، وبعض صحفهم استبدلت ما في التوراة عن "أرض الحليب والعسل" إلى "أرض الحليب والغاز".
تريدون الحقيقة؟ لقد انقهرت لأن اكتشاف الغاز الإسرائيلي كان قبل 4 سنوات، والآن وضعوه في الاستغلال، بينما اكتشفت "بريتش غاز" حقل مارين قبالة غزة العام 1999 دون نقل ما يملأ إسطوانة (جرّة) غاز إلى غزة، رغم أن محطة كهرباء غزة مصمّمة على الإنتاج بالغاز والسولار (الإسرائيلي والمصري) وربما بالبنزين، أيضاً.
لو أن الانتفاضة الثانية لم تحصل، ولو أن الانقسام الغزي لم يحدث، ولو أن صواريخ غزة لم تجلب إليها "الرصاص المصهور" و"عمود السحاب" لربما استثمرنا "مارين واحد" ولم يعد أطفال غزة يحترقون حتى الموت بالشموع لانقطاع الكهرباء.. وربما اشترينا جرّة الغاز في رام الله بعشرة شواكل.. كم من الآثام تتمسّح بجوخ المقاومة!
"المحارب الفلسطيني"
في الأردن، شاركت 36 دولة وعشرات الفرق العسكرية المختارة في مناورات تدريب وجاهزية ولياقة، ومن ضمن هؤلاء "الحرس الرئاسي الفلسطيني في مناورات سابقة جاء ترتيب قواتنا المختارة 11 وفي المناورات هذا العام جاء ترتيبها الرابعة.
المعارضون لأوسلو ولواحقها يقولون إن هذه "قوات دايتون" على اسم الجنرال الأميركي الذي كان يُدرّبها في الأردن.
لن أنبس بحرف عن قيود أوسلو السياسية والأمنية والاقتصادية، ولا عن نصيب القوات من الميزانية العامة، لكن يُشرّفنا أن المحارب الفلسطيني كان خرّيج المدرسة الفدائية.. والآن صار خرّيج مدرسة احتراف القتال، متقدماً على فرق مختارة لجيوش عريقة.