توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

صلاح الكديمي

  مصر اليوم -

صلاح الكديمي

مصر اليوم

  من كان يلقب بـ "فم الذهب" يوحنا.. أو خلافه؟ صلاح الكديمي هو "فم الذهب". لفمه شفتان جميلتان وممتلئتان.. تليقان بحسناء ذات فم شهي. لا تحسبوني غير سوي الميول. خلف شفتي المدير لسان طلق (ذرب، كما يقال) وفي جمجمته عقل نير يغلي كالمرجل. ماذا يهمني اذا كان لهذا الرجل الكهل جسم أشبه بالباذنجانة. مدير مدرسة دوما الثانوية للبنين، يستحق حقاً أن يُنعى "مربي الجيل". لقد دربني على النطق الصحيح (أو الأقرب للصحة) لسيدة لغات الانسان المصوتة، أي اللغة الفرنسية، أو "اللغة الواوية"، وهو أمر عجزتُ بسبب ضعف سمعي، عن تحصيله من فم أستاذ اللغة الفرنسية "المسيو شادرافيان"، الارمني العجوز، صاحب الشفتين الرقيقتين، واللسان الثقيل.. وفوق ذلك لسان في فم أدرد وأسنان مقلوعة. كان شادرافيان ممراضاً (كثير المرض)، فكان المدير صلاح الكديمي يسد مسده، كما يسد مسد معلم الفلسفة.. والتاريخ والجغرافيا. ليست لغة اجنبية مسألة سهلة مع جهاز لتقوية السمع. التلاميذ الشبان لا يهدؤون، وجهاز السمع يجعل اللغط موسيقى خلفية لا تمكنني من التقاط الفوارق اللفظية بين مقطع eu ومقطع eau ومقطع au مثلاً لا حصراً، لأن تنويعات حرف الواو في الفرنسية مضروبة مرتين او ثلاث بالسلم الموسيقي. لا ريب أن كبير الأساتذة، مدير المدرسة، المربي صلاح الكديمي كان تلميذاً في عهد الانتداب الفرنسي على سورية، فتشرب فكر السجال والجدال، واطلع جيداً على علمانية/ علموية منهج تدريس "تاريخ الاديان"، ناهيك عن ثقافته الواسعة بالثورة الفرنسية الكبرى، تاريخياً وأدبياً واجتماعياً. كنت مثلاً، أخاله خطيب الثورة البرلماني، المسيو ميرابو، عندما يقتبس، بالعربية والفرنسية، كيف قال ميرابو لمندوب الملك، الذي جاء بأمر "حل الجمعية الوطنية". "قل للملك. نحن هنا نواب الشعب.. ولن نخرج من هنا.. إلا على اسنّة الحراب". لم يكن يغمط، تماماً، حق مونتسكيو او بروبسيير، غير ان العنف الثوري عند هذا الاخير لم يكن يروق له كثيراً، ربما لأننا تلاميذ في ميعة الصبا سريعو الهياج، وخاصة في مرحلة الانقلاب الانفصالي السوري العام 1961. شفتان أنثويتان. لسان فصيح. عقل نيّر.. والدروس تصير نوعاً من "محاضرات" خارج المنهاج (لسبب ما كان يكره منهاج وزارة التعليم الذي وضعته، مبسطاً، حكومة الجمهورية العربية المتحدة). "أين وصلتم مع استاذكم" .. ثم يقلب الكتاب، ويطوف بنا في بحر معلوماته. في دروس التاريخ، حدثنا بإسهاب عن مجريات اجتماع "السقيفة" لاختيار الخليفة الأول.. كأننا أمام برلمان سوري قبل الوحدة مع مصر (لاحقاً، كأننا نشهد جلسة من جلسات "الجمعية الوطنية الفرنسية). دروس مشوقة من أستاذ ينطق مخارج الحروف واضحة، فصرت في غير دروس الفرنسية أتعلم لغة "قراءة الشفاه"، أو أتقن هذه اللغة. كان صلاح الكديمي مديناً لي بالذات. قرعة عشوائية وضعتني، لما كنتُ في الصف السادس، في شعبة اللغة الفرنسية. رحت أبكي إلى أخي الكبير (يتحدث الانكليزية بلهجة انكليزية) راح أخي يحاجج المدير: من سيساعد حسن؟ لا أحد في البيت يعرف الفرنسية. صارت حجة أخي حجة عليه وعليّ: إذاً، ليكن واحد في الاسرة يعرف الفرنسية. لذا، عندما كان صلاح الكديمي يقتبس من ميرابو، يكتب الاقتباس على اللوح بالفرنسية، ويطلب مني (بالذات) أن أتلوه.. ثم يصوّب لي. كل المدرسة، وجميع المعلمين، يعرفون أنني أفضل تلاميذ المدرسة في مادة "الانشاء" بالعربية - لكن صديقي وزميلي سيف الدين الجزائري (والده جزائري حارب في "الفرقة الاجنبية" مع الفرنسيين في ديان- بيان- فو) ظل يسبقني بالفرنسية. أنا لا أحب جنود "ليجيون ليترانجيه" لأنهم قتلوا حرس البرلمان السوري بالسواطير زمن الانتداب الفرنسي. فصاحة ميرابو شيء، وسواطير الجنود السنغال شيء آخر. انتقلت أسرتي الى دمشق، فنقلت مدرستي إلى دمشق في الصف الحادي عشر، العام 1963. في العام 1974 ذهبت "شفاعة" إلى مدرسة كان ابن أخي المشاغب طالباً فيها. فوجئت أنه مديري السابق صلاح الكديمي. قال: "الولد طالع لعمه". كان المدير قد أهداني مجموعة قصصية لتشيخوف. واحدة منها عن شاب تعلم الفرنسية بالطريقة الصعبة التي علمني إياها.   نقلاً عن جريدة "الأيام"

GMT 05:50 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

هل لديك الشجاعة؟!

GMT 05:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

الأدوات السياسية

GMT 05:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

كيف نتصدى لإيران في الخليج؟

GMT 05:31 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"الممر"

GMT 05:28 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عيون وآذان (إسرائيل تتآمر على ما بقي من فلسطين)

GMT 02:12 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

«صاحبة الجلالة» ليست دائماً بريئة!

GMT 02:05 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرجيلة «حزب الله» وجمر إيران!

GMT 01:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

شرعية الإنجاز

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

صلاح الكديمي صلاح الكديمي



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon