توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

لا هواء على التلّة

  مصر اليوم -

لا هواء على التلّة

حسن البطل

على تلّة النبي صموئيل، بالأمس، تذكّرت تلّة أخرى.. ورجل دين لا يذهب إلى النسيان. صيف العام قبل الفائت، صعدت مع صلاح التعمري تلّة ذلك الـ «هيردويوم» جنوب بيت لحم بضعة كيلومترات. هو راح يدور بعدسة كاميرته دائرة كاملة. يستطيع، هذا العام، أن يكرّر عمله، ويقارن صور الشريط بصور الشريط.. عن تقدّم طوق الاستيطان.   
الهواء على التلّة، شمال القدس، كالهواء على التلّة جنوب بيت لحم. لكن أفق النبي صموئيل يبدو «مربدّاً» أكثر بالمستوطنات. كانت مرّتي الأولى للمكان، ولذلك «الوقف الإسلامي» الذي جدّده المجلس الإسلامي الأعلى في القدس سنة 1953، كما تقول لوحة شبه فسيفسائية على مدخله.   
مرافقنا د. سعادة الخطيب، المدير في وزارة الإعلام يعرف المكان (كما كان) كما يعرف صورة فوتوغرافية لوجهه قبل عشرين عاماً. أيضاً، يعرف العقيد التعمري مسالك قرى جنوب بيت لحم.   
يمكن أن يأتي هذا الانقباض إلى صدرك، على الرغم من الهواء العليل على التلّتين، لأنه يمكن للقلب أن يتغذّى بأكسجين العقل. العين نافذة العقل، والعين لا ترى - بعد شروحات سعادة الخطيب - سوى تلالٍ تتربّع عليها مستوطنات: «نطاف»، «حمشاه»، «غفعات هارادار» التي تطبق على «بدّو»، بينما أجهزت «غفعات زئيف» على أنفاس «بيت سوريك».. وتقريباً أطبقت على عنق «بيت إكسا».   
من مسجد/ مقام النبي صموئيل، أشار دليلنا بسبّابته: «هناك أراضي عائلة أحمد عبد الرحمن».. وإلى أبعد أشار إلى أراضيه هو. إلى تلة النبي صموئيل كانت الانتفاضة صعدت، وتركت بصماتها قويّة جداً على بيوت متناثرة تعيسة جدّاً. تعاهد القدس، ولا تنسى حيفا ويافا.. ودم الشهداء. أيضاً، الجرافات صعدت وجعلت أسنانها وجنازيرها بيوتاً كالأكواخ، كأنها أكواخ مسكونة. أصحاب البيوت المهدومة أعادوا «تكويم» بعض الحجارة الصحيحة، وترتيبها لجولة أخرى بين البناء المخالف وجرّافة الهدم والعقاب!   
ماذا يرتّبون من مصير لـ «بدّو» و»قطنّة «؟ هل سيعتبرونهما (مثل الرام)، بمثابة «قدس خارج القدس» بينما يمتد نطاق «القدس الموحّدة» إلى «غفعات زئيف»؟ لا بدّ أن الطرق الالتفافية ستخترع الجواب كما يريده الإسرائيليون، الذين التفُّوا غرباً إلى بلدات إسرائيلية غرب القدس، ليجدوا مبرّراً لربط «معاليه أدوميم» بالقدس، من وراء ظهر «أبو ديس».   
ونحن ننزل تلة النبي صموئيل، زادنا الولد سامي قهراً على قهر. سأل أباه الفلسطيني بالبلغارية (لغة أمّه): لماذا لا تبنون منتجعاً على «التلّة الخربانة» مثلما يفعل اليهود في الجوار؟ وستكونون أعلى من المستوطنات؟   
في الطريق إلى بيت إكسا راح د. الخطيب يحدِّثنا بما قالته زوجته الروسية (أستاذة الرياضيّات) عندما زارت أراضيه المصادرة. يحصل أن أجنبياً قد يطلق كلاماً شديداً ضدّ اليهود. حصل هذا مع آنا (البريطانية - اليونانية) زوجة أحمد سيف (ابن المسمية السليبة، ثم ابن عقبة جبر.. المحتلة فالمحرّرة). وها هو الولد سامي - نصف البلغاري - يكاد يصبح كارهاً لليهود.    
لم يشفع «الكوشان» في حماية أراضي صديقنا، والناس لم تكن «تطوّب». والفارق بين هذا وذاك، كالفارق بين اعتراف إسرائيل بمنظمة التحرير الفلسطينية.. وبين عدم اعترافها بالدولة الفلسطينية المزمعة.   
في أراضي د. سعادة الخطيب المصادرة سألناه: هل زرعت الصنوبر؟ أجاب: زرعت 200 غرسة زيتون في سنة واحدة.. فأتت عليها - بعد حزيران - أسنان الغزلان، التي برمجوها (أو برمجها ربك) أن تقتات ورق الزيتون، وتعفّ عن ورق الصنوبر. نسيت الرجل الذي قلت إنه لا يذهب إلى النسيان؟ إنه المطران «هيلاريون كبوجي» الكاثوليكي الفاتيكاني، الذي ضبطته إسرائيل، في رأس الناقورة، مطلع سنة 1975 وهو يهرّب السلاح إلى الفدائيين من لبنان إلى فلسطين.   
أثناء محاكمته، رفض أن ينظر إلى وجوه قضاته، ورفع صلاته إلى يسوع: «إذا نظرت - يا سيدي - من عليائك ستجد مدينتك المقدّسة سبية وأسيرة كما تركتها قبل ألفي عام». ربما لم ير ذلك المطران كيف صارت القدس تبدو من تلّة النبي صموئيل، ومن تلة «هيروديوم» المنسوبة إلى الإمبراطور الروماني الشهير.   
بعض سفوح تلال بدّو وقطنّة تبدو كما في الأفلام عن «حمّى الذهب» مدرّجات ومصاطب صفراء أو بُنِّيَّة، ولكنها ليست مناجم، وإنما بُنية تحتيّة لمستوطنة «غفعات هارادار». بالفعل يوجد عامود طويل جداً بعين كهربائية غمّازة، كأنّه يسخر من مئذنة مسجد/ مقام النبي صموئيل.   
.. وعلى جدران بيوت مهدومة في النبي صموئيل شعارات شباب الانتفاضة تعاهد القدس، وحيفا ويافا.. ودم الشهداء. أما الطريق إلى بدّو وقطنّة فهو ينتظر «بكدار».. ولكن ليس على لوحة معدنيّة عن مشروع طريق حقيقي ما زال مشروعاً، بينما تعمل جرّافاتهم من الصباح إلى المساء في نهش أرضنا.. عيوننا وقلوبنا، وحرمان العقل من أكسجين الهواء.

 

GMT 05:50 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

هل لديك الشجاعة؟!

GMT 05:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

الأدوات السياسية

GMT 05:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

كيف نتصدى لإيران في الخليج؟

GMT 05:31 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"الممر"

GMT 05:28 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عيون وآذان (إسرائيل تتآمر على ما بقي من فلسطين)

GMT 02:12 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

«صاحبة الجلالة» ليست دائماً بريئة!

GMT 02:05 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرجيلة «حزب الله» وجمر إيران!

GMT 01:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

شرعية الإنجاز

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لا هواء على التلّة لا هواء على التلّة



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon