توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

يراني .. ولا يرى ما أرى!

  مصر اليوم -

يراني  ولا يرى ما أرى

حسن البطل

سألني طلال الثاني: "ممّ تخاف؟"، فأعطيته جوابي: "من شياطيني الداخلية.. ليس إلاّ"، وظلّ طلال الثاني يذكرني بما فهمه من معانٍ مختلفة لجوابي "الغريب".. حتى والسرطان بدأ ينهش رأسه؟
طلال الثاني عاد جثة منتفخة، أصلع الرأس، إلى مسقط رأسه في "ميس الجبل"، إحدى أقرب القرى اللبنانية إلى حدود فلسطين.
كان طلال (الذي عَمِل، في طفولته، دليلاً لأوائل الفدائيين في جنوب لبنان) خذل وصيّتي التي أوصيته بها رجلاً وزميلاً أمام "المقر الحربي" لجريدة "فلسطين الثورة" قبل أيّام من خروجنا: تزوّج روضة يا طلال. اذهب إلى قريتك "الميس" عامين أو ثلاثة.. وعندما تتبدل الأحوال، سيكون زواجك بلاجئة فلسطينية من مخيم شاتيلا مُعيناً آخر لك، في نضالك الجديد نحو معنى جديد لـ "التلاحم اللبناني - الفلسطيني".
عَمِل طلال همداني بنصف الوصية. تزوّج من روضة.. ولحق بنا إلى قبرص، وعَمِل مثل ساعدي الأيمن، أي سكرتيراً للتحرير في مجلّة "فلسطين الثورة".. حتى قبل نهاية الشوط بقليل.
ذات صباح، وفي غرفتنا المشتركة، باح لي بسبب خيانته لنصف وصيّتي. قال: عندما خرجتم، فقد لبنان كثيراً من روحه. لم أتعلم المنفى واللجوء مثلكم. لكن "جماعة أمل" جعلت حياتي مستحيلة في "ميس الجبل"، فإمّا أن أنضمّ إلى "حزب الله"؛ وإمّا أن أحمل السلاح ضد أصدقاء طفولتي الذين صاروا في "أمل".. وإمّا أن ألحق بكم.
- أهلاً وسهلاً؟ قلت له. أهلاً بك في وطن مؤقت فلسطيني في المعنى.. وفي المنفى! كان رهاننا -أنا وطلال الثاني- حول هذه النقطة: هل يستضيفني، يوماً، في "ميس الجبل" أم أستضيفه، يوماً بعيداً، في "طيرة الكرمل".
لم يذهب طلال الثاني، اللبناني الشيعي، إلى النسيان، لكن بعد موته تفاقم خوف روضة على مستقبل أولادها، انتهى طلال إلى قبر في بلاده لبنان أقرب ما يكون إلى فلسطين؛ وانتهت روضة وولداها "يزن" و"فادي" إلى لجوء كندي.
.. وأما طلال الأول، السوري، وسكرتير تحرير "فلسطين الثورة" في المرحلة البيروتية، فقد انتهى إلى قبر في مقبرة الشهداء بمخيم شاتيلا، بعد أن شقّت قذيفة كتائبية صدره، وأخرجت قلبه إلى التراب، وقد كان في مهمّة صحافية إلى "تل الزعتر" المحاصَر.
على قبر طلال الأول؛ طلال رحمة، صديق العمر، وضعت وردة، وعلى قبر طلال الثاني سأضع وردة ذات يوم.
* * *
سألني صديق في رام الله "ممّ تخاف؟"، فلم أعطه أيّ جواب. سأعطيه لقارئي: أخاف ملاكين رجيمين (أكرّر: ملاكين رجيمين)، أحدهما ابن زميلي (الراحل) محمد حمزة غنايم في باقة الغربية؛ وثانيهما ابنة زميلي عزت ضراغمة في بيت لحم.
.. وأيضاً، أخاف شيطاناً رحيماً (أكرّر: شيطاناً رحيماً) يُدعى "الانترنت" لماذا؟
لأنّ رأي الزميلين غنايم وضراغمة، وسواهما، في كتاباتي لا يعنيني كثيراً، وأما رأي الابن والابنة فأحسّه ثقيلاً على كاهلي، لا لشيء إلاّ لأنني أتذكّر تأثيرات قراءاتي الأولى عليّ في أوّل سنّ اليفاعة.
فلماذا أخاف هذا "الانترنت"؟
لأسباب عدّة، سأتحدّث عن "الطازج" منها:
أطلّ عليّ، "البروفيسور عبد القادر ياسين"، من جامعة غوتنبرغ السويدية، عبر "الانترنت" برسالة، مطلعها: "سأستغرب إن كنتَ تتذكّرني".
عبد القادر ياسين يلاحقني بمشاغباته التي أتعبتني في بيروت، وأرهقتني في نيقوسيا، ويكاد يقصم ظهر صبري بسؤاله "الساذج": كيف تشعر وقد أنهيت 48 عاماً في المنفى؟ وهل أن "وطن الدولة" أخذ منك "وطن الحلم والمعنى".
* * *
يا زميلي عبد القادر ياسين، إليك جواباً مقارباً؛
ذهب شعبي عميقاً في الطحين، وذهب أصدقاء كثيرون (لك ولي) عميقاً في دمهم، وها أنا أذهب، في الفترة بين فرض طوق ورفعه، عميقاً "في تفاصيل البلاد"!
من دون الذهاب "في تفاصيل البلاد" لن تحسّ بما عناه درويش في أمله أن "نُصاب بالوطن البسيط واحتمال الياسمين".
فقد مات طلال الأول وطلال الثاني، وعشرات الآلاف سواهم، قبل أن نصاب بـ "الوطن البسيط"، ولعلّك، في غوتنبرغ، تستطيع أن تشمّ شيئاً من رائحة الياسمين.. والسلام.

حسن البطل
١٩/ ١٢/ ١٩٩٦
"الأيام"

GMT 05:50 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

هل لديك الشجاعة؟!

GMT 05:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

الأدوات السياسية

GMT 05:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

كيف نتصدى لإيران في الخليج؟

GMT 05:31 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"الممر"

GMT 05:28 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عيون وآذان (إسرائيل تتآمر على ما بقي من فلسطين)

GMT 02:12 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

«صاحبة الجلالة» ليست دائماً بريئة!

GMT 02:05 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرجيلة «حزب الله» وجمر إيران!

GMT 01:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

شرعية الإنجاز

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

يراني  ولا يرى ما أرى يراني  ولا يرى ما أرى



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon