توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

زغـــلـــــــولان

  مصر اليوم -

زغـــلـــــــولان

حسن البطل

 

.. إلى أن صار خلخالها يشفع لزغلوليها من قصقصة أجنحتها الأربعة وذيليها الاثنين. إن لم تقصقص لن تنحر ثم تغطس الفرخين القتيلين في ماء يبقبق.. ثم تبعج البطن، وتنتف الريش.. الخ.
نويت شراً منذ فقست البيضتان في قوارة مهملة على الشرفة.. كلا، أخمدت نيتي الشريرة بشراء زوجين من الحمام المجمد مؤونة في فريزا البراد. رحت أغوص في فضول الشاعر: سبحان الذين جعل من قوت حبة القمح طيراً بجناحيه يطير.
لتلامذة تشارلز داروين، أبو الانتخاب الطبيعي، أن يقنعوك كيف انحط بيض الديناصور الى بيض الطيور، ولتلامذة غريغور ماندل، أبو علم الجينات، أن يفسروا لك احتمالات فرخ زغلول أبيض لحمامة سخماء.. لكن، ماذا تراه يقول لك فيلسوف سخيف: بيتك يصير مقدساً إذا سكنته مع طفل ونبات وحيوان.
أطفالك حلقوا مجازاً (الإنسان طير لا يطير) ونباتات الظل والشمس تنمو مباركة وتذوي، والكلب والهر عبودية متبادلة.. وطير في القفص استعباد.. ويمامة باضت في قوارة الشرفة تطرح عليك سؤال الحرية وتجيب عليه: اليمّ سماء الاسماك، والسماء بحر الطيور.. وأما الهواء فهو بحرك وسماؤك، لأنك ملك الثدييات المتوج. الحيوان المنتصب، الناطق، العاقل.. الآكل الأعلى للخضار والثمار، للحوم والبيوض.. والقاتل الوحيد الذي يقتل ليأكل، ويقتل حتى لا يؤكل.. ويقتل دون أن يأكل ما قتل. إذا انقذ حياة فهو بطل، وإن سلب حياة فهو بطل.
شيئاً فشيئاً صارت الحمامة ذات الخلخال ربيبتي، أملأ لها زاداً من الماء في منفضة السكائر، وأعلف لها جريش الحب وفتات الخبز. شيئاً فشيئاً صار زغلولاها ربيبي أيضاً. يخرجان صباحاً من المخبأ ويخرجان مساء أيضاً.. وأخيراً، توقفت الحمامة - الأم عن تغذية الزغلولين من حوصلتها، وبالكاد صرت أميز الطفل عن أمه.. لولا خلخال وضعه مجهول في ساق الحمامة- الأم. أنت تعرف يدك اليمنى من اليسرى، وساقك اليسرى من اليمنى. الحمامة لا تعرف وأنت لا تعرف.
في الليل أطوي صفحات كتاب عن قصة عجيبة لرجل تاه في لجة المحيط الهادي على قارب نجاة بصحبة نمر بنغالي وضبع وغزال وسعلاة، بعدها غرقت السفينة المهاجرة من الهند إلى كندا.
كتاب "حياة باي" لمؤلفه يان مارتل حاز جائزة بوكر الدولية للأدب 2002. هو ابن عائلة هندية تملك حديقة حيوانات ويعرف طباعها في الأسر، وكان عليه أن يتعلم طباعها في زورق تائه. النمر يفترس الغزال أولاً، ثم الضبع والسعلاة.. لكن يجد الابن التائه طريقة لترويض النمر خارج القفص.. وينجوان معاً بعد 277 يوماً في عباب البحر. الماء من السماء (وتقطير الماء المالح) والغذاء من كائنات البحر، والدليل هو: لا تشرب الدم لا تشرب بولك. لا تشرب ماء البحر.. غير أن دم سلاحف البحر حلو المذاق.
هناك كسر في قانون علم الاحياء: حيوانات لبونة.. وحيوانات بيوضة. ذات الحافر، وذات الاظلاف. ما هو؟ حيوان منقار البطة هو الحيوان الثديي الوحيد الذي يبيض. لا اعرف أهو بحري أم بري.. أم يعيش هنا ويبيض هناك.
من الذي وضع الخلخال في ساق اليمامة الوالدة؟ عالم حيوان معني بهجرة الطيور أو صاحب مزرعة حمام دأب على حز اعناق الزغاليل.. فوجدت الحمامة ملجأ آمناً على شرفة بيتي، وكلفتني بمهمة لا تعنيها وهي جمع غائطها الذي لا يشبه بعر الماعز، ولطع البقر.. بل يشبه قرن بوظة متعدد الالوان ساح وسقط من يد طفلة صغيرة.
من خفقات جناح الطير تعلم الانسان علم الطيران، ومن ذيل الطير تعلم كيف يحط أرضاً، ومن ثمانية أسابيع تعلمت من الحمامة وزغلوليها كيف أقرأ تفاصيل الحياة قراءة أبسط وأعمق، كيف أتذوق الشعر الجميل برهافة أكبر، وكيف أضع ساقاً في عبودية حرية الانسان، وساقاً أخرى في حرية عبودية الطير.
ستفوتني، على الاغلب، متعة أخيرة لحظة وقوف الزغلول على حافة الشرفة.. ثم يرفرف بجناحيه الى حيث أمه على حافة شرفة عمارة مقابلة قيد البناء.. ثم الى السماء المفتوحة.
يقول البعض إن الحمام يعود في ربيع وصيف مقبلين.. لكنني اكتفيت من سقف هذا الدرس ومن عنائه. ستكون هناك هريرة، أو سيكون لدي مقص يجز أجنحة الزغاليل، وسكين مطبخ رهيفة الحد..
كلا، سأنظر الى سيقان الحمامة ذات الخلخال وأقول: أهلاً وسهلاً.

حسن البطل
31 تموز 2009

GMT 05:50 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

هل لديك الشجاعة؟!

GMT 05:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

الأدوات السياسية

GMT 05:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

كيف نتصدى لإيران في الخليج؟

GMT 05:31 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"الممر"

GMT 05:28 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عيون وآذان (إسرائيل تتآمر على ما بقي من فلسطين)

GMT 02:12 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

«صاحبة الجلالة» ليست دائماً بريئة!

GMT 02:05 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرجيلة «حزب الله» وجمر إيران!

GMT 01:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

شرعية الإنجاز

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

زغـــلـــــــولان زغـــلـــــــولان



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon