توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«الوطنية» و «انعدام الوطنية»

  مصر اليوم -

«الوطنية» و «انعدام الوطنية»

بقلم - حسام عيتاني

 منذ بدء الحديث عن توجيه ضربة أميركية إلى نظام بشار الأسد بعد قصفه الغوطة بالغازات الكيماوية في 2013، ارتفعت صيحات المنددين بـ «انعدام وطنية» كل من يرحب بأي عقاب يُنزل بمرتكبي الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب. يستدعي هذا رسم خطٍ واضحٍ بين الوطنية وبين انعدامها.

ماذا يعني الوطن في سياق حرب إبادة وتهجير واقتلاع وتدمير منهجي للمجتمع؟ لا يجب البحث عن الجواب لدى الضحايا. غنيّ عن البيان أن مفهوم الوطن الذي استُنسخ من أدبيات الرومنطقية القومية الأوروبية لا يفيد شيئاً بعد سبع سنوات من حرب بشار الأسد وحلفائه على السوريين. يصعب على من فقد أهله وأولاده في قصف طائرات ومدفعية التحالف المساند للأسد أن يظل وفياً لمفهوم وطن تحكمه سلطة غاشمة. فالوطن، حتى في معناه الرومنطيقي، ليس مجرد أرض يجتمع عليها ويعيش من خيرها بعض البشر، بل هي قبل ذلك مجموعة القيم والعلاقات التي تسود هذه الجماعة وتحكمها. وفي أيام المحن، ترتفع الدعاوى الوطنية للعودة إلى التقاليد المتفق عليها بين أفراد الجماعة والتي تشكل بنيتها الفوقية. الولاء لا يكون هنا للنظام ولا للحزب الحاكم ولا لمؤسسات الدولة التنفيذية.

أواخر الحرب العالمية الثانية، عندما بدأت قوات الحلفاء تتقدم داخل الأراضي الألمانية، تخلت الدعاية النازية عن أساليبها التقليدية التي استخدمتها أثناء التوسع الألماني في أوروبا ونبشت خطاب الأرض الأم والوطن المقدس والترهيب من دخول الأعداء الهمج (خصوصاً أولئك الآتين من الشرق). عاد الوطن، في تلك الأيام إلى معناه القديم المحمّل بإيديولوجيا قومية بسيطة توهم من يستمع إليها أن المصائب التي تنزل بألمانيا لا علاقة لها بما ارتكبه النازيون، بل إن هؤلاء يدافعون عن وطن يتعرض للعدوان الأجنبي السافر وأنهم جنود الحضارة بأرقى أشكالها في وجه أحفاد المغول.

دعاة الوطنية السورية في ظل نظام الأسد، يحاولون قول الشيء ذاته: الوطن، ومنذ التهديدات التي أطلقت في آب (أغسطس) 2013، في خطر. لا يهمهم من جلب هذا الخطر ولا يعنيهم كيف تسبب بشار الأسد في إشعال حرب على شعبه. لا عجب. ذلك أن واحداً من الألقاب المفضلة لوصف الأسد في قاموس آلته الدعائية هي «سيد الوطن» بما يقيم تناقضاً صريحاً بين شراكة الشعب في السيادة على وطنه وعلى نفسه وبين حصر هذه الأخيرة في «سيد» لا يتردد في التعامل مع مواطنيه كعبيد.

تزداد المسألة تعقيداً مع دخول العدو الذي يحتل جزءاً من أرض الوطن، الجولان، على خط الصراع بضربه مواقع النظام وحلفائه. الموقف الأخلاقي هو التنديد بأي عدوان خصوصاً من المحتل الإسرائيلي على الوطن. بيد أن هذا الوطن قد خسر معناه ودلالاته في خضم مسعى النظام وأنصاره إلى القضاء على المجتمع والشعب. دعاة «الوطنية» قدموا مخرجاً تلفيقياً: النظام ليس هو الوطن الذي ينبغي الدفاع عنه وعن مؤسساته بما فيها الجيش والمخابرات مهما كان الأمر، في وجه العدو الصهيوني الغاشم الخ... أقل ما يقال في تبرير كهذا إنه يصدر عن عقلية ترغب في تخبئة تواطئها مع النظام القاتل. ذلك أن الوطن ليس النظام الذي يحكمه ولا هو مؤسسات الدولة. وهذه ليست سوى إفراز للمسار الاجتماعي السياسي الذي تقدم فيه المجتمع على مدى مئات الأعوام.

فوق ذلك كله، لا بد من التساؤل عن أثر المواجهة بين مشروعين توسّعيين، إيراني وإسرائيلي، على الوطنية السورية، قبل الجزم أن الوطنية هذه هي المهدّدة من واحد، إسرائيلي، من هذين المشروعين فيما يدفعها ذلك الإيراني إلى الارتقاء في معارج التكامل والتقدم.

نقلا عن الحياة اللندنية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

GMT 01:13 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

التوافق ينتصر للسودان .. والمعركة مستمرة

GMT 01:12 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

مصر الفيدرالية

GMT 01:06 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

فاتورة الحرب.. مدفوعة مقدمًا!

GMT 05:30 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

مشاكل ترامب أمام القضاء الأميركي

GMT 05:29 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

من مفكرة الأسبوع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«الوطنية» و «انعدام الوطنية» «الوطنية» و «انعدام الوطنية»



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية

GMT 12:20 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

طلائع الجيش يبحث عن مهاجم سوبر فى دوري المظاليم

GMT 15:09 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

فان ديك يحصد لقب أفضل لاعب بنهائي دوري الأبطال

GMT 15:15 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مشروع "كلمة" للترجمة يصدر "كوكب في حصاة"

GMT 20:20 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

صدور رواية "الطفلة سوريا" لعز الدين الدوماني
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon