توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

كلما انحرف!

  مصر اليوم -

كلما انحرف

سليمان جودة

تجربة الأيام القليلة التى قضيتها فى بولندا تقول إن الدولة البولندية، التى لا يفصلها عن روسيا شرقاً إلا أوكرانيا، قد استطاعت أن تتخلص من قبضة الاقتصاد الاشتراكى، فى عدد من السنوات لا يمثل شيئاً إذا ما قيس بأعمار الدول، وليس أدل على ذلك سوى أنها الآن عضو فى الاتحاد الأوروبى بجلالة قدره، وقد مضت على عضويتها فيه 12عاماً كاملة!

لقد جاء وقت على بولندا، وكان ذلك فى ختام الحرب العالمية الثانية عام 1945، كانت فيه العاصمة وارسو تتلقى ضربات قاسية من الاتحاد السوفيتى، من جهة الشرق، ومن هتلر فى ألمانيا، من جهة الغرب، وفى توقيت واحد، لدرجة أن 80% من أحياء العاصمة كلها قد تم تدميرها تماماً، والذين عاشوا تلك الأيام، أو رأوا العاصمة بعد قصفها، أو قرأوا عما جرى لها، يعرفون أن طوبة واحدة فيها لم تكن فوق طوبة أخرى!

وعندما تتمشى اليوم فى وارسو، لا يمكن أن تصدق أن هذه المدينة الجميلة، والنظيفة، ذات الشوارع الفسيحة، والميادين الواسعة، قد كانت ذات يوم هدفاً لقصف متزامن من مدافع هتلر، فى برلين، ومدافع ستالين، فى موسكو!

هذا عن المبنى، فماذا عن المعنى؟!.. أو أن هذا عن الحجر، فماذا عن البشر؟!

عرضوا أمامنا رسماً بيانياً فى مدينة «كراكوف»، التى كانت عاصمة للبلاد ذات يوم، ثم صارت المدينة الثانية، حجماً وأهمية، بعد العاصمة وارسو، وكان الرسم البيانى يبين أعمدة طولية، وكان كل عمود فيها يوضح حجم الإنفاق العام على كل خدمة عامة، بالمقارنة بغيرها من الخدمات المقدمة من الحكومة للناس، فكان عمود التعليم هو أعلاها على الإطلاق، بما لا يمكن مقارنته بأى عمود مجاور آخر! وكان معنى ذلك أن حكومات بولندا المتوالية منذ سقوط الاتحاد السوفيتى، عام 1991، ومنذ سقوط سور برلين الفاصل بين أوروبا الشيوعية وأوروبا الرأسمالية، عام 1989، قد أدركت بكل وعيها، أن بناء الحجر الذى تحطم فى وارسو، كاملاً، لا يكفى، وأنه لابد.. لابد.. من بناء يتوازى معه للبشر!

والحكومات المتعاقبة عندهم لم تدرك هذا وفقط، وإنما انتبهت إلى شىء آخر أهم، هو أن الإنفاق العام العالى على التعليم، كما رأيته بعينى فى العمود البيانى إياه، ليس كافياً وحده، لأن الإنفاق من هذا النوع، إذا لم يكن يتم وفق رؤية تحدد الأهداف المرجوة من ورائه، فإنه يظل إنفاقاً فى العموم، ويظل إنفاقاً بلا هدف، ويظل إنفاقاً غير مضمون النتائج، ولذلك، فإنفاقهم المرتفع على التعليم محدد مسبقاً بأهداف يسعى دائماً لبلوغها!

بولندا، كتجربة، قريبة منا، وهى تتحول سياسياً واقتصادياً، بامتداد سنوات مضت، ثم إنها صاحبة تجربة ناجحة فى هذا التحول من اقتصاد، كانت الحكومة تملك وتدير فيه كل شىء، إلى اقتصاد حر، ومفتوح، تراقب فيه الحكومة كل شىء أيضاً، وتنظمه، وتضمن أن تصب عوائده فى صالح المواطن، وفى صالح مستوى حياته، وفى صالح آدمية الخدمات العامة التى من حقه أن يحصل عليها من حكومته.

وهى، فى الوقت ذاته، صاحبة تجربة فى الحكم المحلى، تمنح محافظاتها الـ16 درجة كبيرة من الاستقلالية، وتضع فى اللحظة ذاتها عيناً مفتوحة على آخرها، من العاصمة، على كل إقليم أو محافظة، فتتصرف المحافظات باختصاصات واسعة وواضحة، بينما عين الحكومة فى العاصمة تراقب باهتمام، ومن بعيد، وتعيد الأداء العام لصوابه كلما انحرف!

GMT 05:50 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

هل لديك الشجاعة؟!

GMT 05:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

الأدوات السياسية

GMT 05:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

كيف نتصدى لإيران في الخليج؟

GMT 05:31 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"الممر"

GMT 05:28 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عيون وآذان (إسرائيل تتآمر على ما بقي من فلسطين)

GMT 02:12 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

«صاحبة الجلالة» ليست دائماً بريئة!

GMT 02:05 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرجيلة «حزب الله» وجمر إيران!

GMT 01:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

شرعية الإنجاز

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كلما انحرف كلما انحرف



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon