توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أوباما الناجي الوحيد!

  مصر اليوم -

أوباما الناجي الوحيد

سليمان جودة

إذا كان أحد منا لا يزال يذكر أجواء يناير (كانون الثاني) 2009، التي جاء فيها باراك أوباما رئيسا للولايات المتحدة، فلا بد أن أجواء اليوم، ونحن نقترب من مرور سادس يناير عليه في البيت الأبيض، تجعلك تتساءل عما إذا كانت أجواء ما قبل ست سنوات تقريبا، قد خدعت العالم إلى هذا الحد!
والأجواء التي أقصدها لم تكن لأن الرئيس الجديد وقتها كان رئيسا شابا، ولا لأنه كان من بين أبناء جامعة هارفارد، التي جرى تصنيفها مرارا كأفضل جامعة في العالم، ولا حتى لأنه قد جاء إلى الحكم بعد ثمانية أعوام عجاف قضاها الجمهوريون من خلال بوش الابن في السلطة، والتي كانت سنوات كارثية في أكثر من ركن من أركان العالم، والتي أيضا لم يفلت الاقتصاد الأميركي نفسه من سوء عواقبها.
لا.. لم يكن أي سبب من هذه الأسباب الثلاثة وراء أجواء التفاؤل التي سادت وشاعت في ذلك الوقت، وإنما كان السبب الحقيقي أن أوباما، الذي يمثل الرئيس الرابع والأربعين لبلاده منذ إعلان استقلالها، كان أول رئيس أسود بينهم جميعا، وبالتالي، فقد جاءت المسألة بمثابة السابقة التي لم يعرفها الأميركان بامتداد قرنين ونصف القرن من الزمان.
وبما أن الرئيس الجديد كان هكذا، فقد انعقدت عليه آمال عريضة، لم تلبث أن تبددت كلها، أملا وراء أمل، داخل بلاده وخارجها سواء بسواء.
وكانت الذروة في خيبة الأمل، في أوباما، يوم أن قال أول هذا الشهر إن إدارته لا تملك استراتيجية متكاملة لمواجهة تنظيم «داعش» الإرهابي، الذي أخلى مدينة الموصل العراقية من جميع مسيحييها، لأول مرة في تاريخها، دون أن تهتز شعرة في رأس الرئيس الأميركي، ودون أن يرمش جفن في عين أي مسؤول غربي، ممن ظلوا لسنوات، ولا يزالون، يحدثوننا عن حقوق الإنسان، من حيث هو إنسان! فإذا بالمسيحيين في الموصل ليسوا من بني الإنسان!
وإذا كانت هذه هي ذروة خيبة الأمل في أوباما، خارج الحدود الأميركية، فالذروة الداخلية كانت عندما سقط شاب أميركي أسود، الشهر الماضي، صريعا على يد ضابط أميركي أبيض، في مدينة فيرغسون بولاية ميسوري.
ولو سقط الشاب، ثم تلا سقوطه ما يشير إلى أن واقعته أمر عابر، ما كان لنا أن نتوقف أمامها، ولكن ما حدث هو أن الشرطة الأميركية، وهي تتصدى للذين احتجوا على مصرع الشاب، قد راحت تتعامل معهم بعنف وصل إلى حد استخدام سلاح من جانبها لا يجري استخدامه في العادة، إلا في الحروب!.. ولأن بعض المحتجين في المدينة، ثم في الولاية، قد مارسوا عنفا في مواجهة السلطات، فإن كل ما استطاع الرئيس الأميركي أن يعلق به، في غمرة الاحتجاجات والمظاهرات، قد جاء في عبارات موجزة عن أن ممارسة العنف ضد الدولة أمر غير مقبول.
وهو كلام صحيح بالطبع، ونبصم بالعشرة عليه وراء أوباما، على حد تعبير المثل المصري الشائع، غير أن ذلك يجعلنا نسأله في الوقت نفسه عما إذا كان العنف الذي انخرط فيه بعض السود، ضد الدولة الأميركية، أمرا غير مقبول في نظره، بينما العنف الذي يمارسه الإخوان المسلمون، وأتباعهم، ضد الدولة المصرية، على مدى ما يقرب من العام، ونصف العام، أمر مقبول ومحمود، بل ومرحب به من جانب إدارة أوباما ذاته، الذي - لا يزال في ما يبدو - منذ ثورة 30 يونيو (حزيران) 2013، التي أسقطت الإخوان، يرى أن عنفهم له ما يبرره، بل ويشجعه، ثم يتعاطف معهم، ويتعامى عن إرهابهم على لسان أكثر من مسؤول في أركان إدارته!
غير أن حكاية الشاب الأسود الصريع لها بقية تتجسد على أفضل ما يكون في تقرير نشرته «الأهرام» لزميلتنا ميادة العفيفي، يوم السبت 30 أغسطس (آب) الماضي.
وترجع قيمة هذا التقرير إلى شيئين أساسيين؛ أولهما أنه يتحدث بلغة الأرقام، وثانيهما أنه يعتمد في أرقامه على بيانات صادرة عن معهد السياسات الاقتصادية الأميركي، مرة، وعن مكتب الإحصاء الأميركي مرات!
التقرير يتكلم عما بين البيض والسود من فوارق هائلة في المجتمع الأميركي، ومنها على سبيل المثال أن معدلات البطالة بين السود أكثر من ضعفي معدلاتها بين البيض، وأن معدل البطالة الأميركي الرسمي بين المواطنين الأميركيين البيض، في يوليو (تموز) 2014 كان 3.5 في المائة، وكان المعدل نفسه بين المواطنين الأميركيين السود في الوقت ذاته 4.11 في المائة، وأن متوسط دخل الأسر البيضاء في أواخر عام 2012 كان يعادل 22 ضعف متوسط دخل الأسر السوداء، وأن 12 في المائة من الأطفال البيض يعيشون في مناطق فقيرة في مقابل 45 في المائة من الأطفال السود يعيشون في أحياء مماثلة.. وهكذا.. إلى آخر ما ورد في التقرير من أرقام، ونسب ومعدلات، وكلها تكاد تقول إن المواطن الأميركي الأسود الوحيد، الذي تحسن حاله، هو باراك أوباما، وإن أحوال المواطنين السود، فيما عداه، لا تزال على سوئها، ولم يغير منها مجيئه إلى مكتبه البيضاوي في شيء!
فما معنى هذا كله؟!.. معناه أن حكاية الشاب الأميركي الأسود الصريع ليست إلا رأسا لجبل ثلج عائم، وأن الغاطس من الجبل أكثر بكثير من الظاهر أمامنا، وأن تلك الأجواء التي صاحبت فوز أوباما في السباق الرئاسي كانت كلها من النوع الاحتفالي، الذي يبرق نوره أمام العيون فيخطفها، فإذا ما عاد البصر إلى طبيعته اكتشف أن واقعا لم يتغير، وأن الأضواء اللامعة، وقت الأجواء الاحتفالية، كانت تغطي أكثر مما تعري!

 

GMT 05:50 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

هل لديك الشجاعة؟!

GMT 05:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

الأدوات السياسية

GMT 05:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

كيف نتصدى لإيران في الخليج؟

GMT 05:31 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"الممر"

GMT 05:28 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عيون وآذان (إسرائيل تتآمر على ما بقي من فلسطين)

GMT 02:12 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

«صاحبة الجلالة» ليست دائماً بريئة!

GMT 02:05 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرجيلة «حزب الله» وجمر إيران!

GMT 01:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

شرعية الإنجاز

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أوباما الناجي الوحيد أوباما الناجي الوحيد



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon