توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
الثلاثاء 4 آذار / مارس 2025
  مصر اليوم -
أخبار عاجلة

«الآن».. يا خال!

  مصر اليوم -

«الآن» يا خال

سليمان جودة

لسنوات، عرفت عبدالرحمن الأبنودى، ربما كما لم يعرفه أحد من أبناء جيلى، وحين كنت أقضى معه أياماً وراء أيام، فى بيته بالإسماعيلية، فإنه من عمق ما صار بيننا من ود، يظل يدقق النظر فى وجهى، ثم يسألنى بضحكته الصافية: منذ متى بالضبط عرفتك وعرفتنى؟!

سافرنا معاً إلى النمسا، يوم أن كان الدكتور مصطفى الفقى سفيراً هناك، وقضينا فيها أسبوعاً ليس ككل الأسابيع، وفى قاعة فسيحة ألقى بعض قصائده البديعة، وكان معجبوه من المصريين والعرب يملأون المكان عن آخره، وقبل أن يبدأ فاجأ الجميع فقال: أنا أيضاً أعرف الألمانية، التى هى لغة هذا البلد.. ثم قال: نخ أيِّن تى!!.. وهى جملة بالألمانية تعنى: واحد شاى تانى من فضلك!.. وضجت القاعة بالضحك والتصفيق!

ثم سافرنا معاً من بعدها إلى أسوان، وإلى الأقصر، وإلى قنا، وإلى المنصورة، وإلى.. وإلى.. بامتداد مدن الجمهورية وفى كل اتجاه، وفى كل مكان كنا نذهب إليه، كنت أرى بعينى، أنه ما من صاحب كلمة يحبه الناس فى عمومهم، كما أحب المصريون الأبنودى!

لا أزال أذكر، كيف أننا كنا نقضى معاً ساعات ليلية طويلة على التليفون، من بيته هناك فى منطقة الضبعية، على أطراف الإسماعيلية، فهو مرة يقرأ لى آخر ما جرى به قلمه من إبداعاته الباقية، ثم هو مرة أخرى يكلمنى عن يومياته الأسبوعية التى كان يكتبها حينذاك على الصفحة الأخيرة من «الأخبار»، وإن نسيت، فإننى لا أنسى يوميات شيقة كان عنوانها: الفرخة وقعت فى البير!.. وكانت عن دجاجة سقطت يومها فى بئر فى الصعيد، وكانت الصحف قد نشرت الخبر، وكيف أن صاحبها نزل لينقذها، فغرق، فلما نزل ابنه ينقذه، غرق معه، وجاء قريب لهما، ليغرق معهما، ثم رابع، فخامس، وسادس.. وفى النهاية أنقذوا الفرخة، ومعها خرجت من البئر ست جثث، لستة من الغرقى!

كنت، إذا ذهبت إليه فى بيت الإسماعيلية، فإننا نقضى النهار فى البيت، على مسافة عشرة كيلومترات تقريباً من المدينة، ثم نقضى الليل كله، أو أغلبه، فى المدينة نفسها، مع مجموعة من أصدقائه الحميمين، وكان بينهم رجل جميل يعتقد بينه وبين نفسه عن يقين، أنه ذهب يوماً للعمل فى السودان، وأن الله قد مسخه قطاً هناك، ثم أعاده إنساناً من جديد، حين عودته إلى مصر، وكان يحدثنا كثيراً عن فترة القطة فى حياته، وكنا، مع الأبنودى، نسمع، ونضحك، وتتناثر من حولنا النكات، على ما يروى الرجل عن غرائب رحلته إلى الخرطوم!

وحين كنت أعود مع الشاعر العظيم، ليلاً، أو بمعنى أدق فجراً، إلى بيت الضبعية، كنا نمر فى طريقنا على مقبرته التى كان قد بناها وانتهى منها!

وكان، فى كل مرة، يتطلع إليها وهى مستقرة على جانب الطريق، ثم بحركة من يده يشير إليها ساخراً، وهو يقول: ليس الآن!.. وكأنه- يرحمه الله- كان يعرف أن سنوات لاتزال أمامه فى الحياة، وأن على المقبرة التى كنا نقطع الطريق أمامها، بسيارته المرسيدس القديمة، ذهاباً وإياباً، أن تنتظر!

وفى مساء أمس الأول، جاء ذلك «الآن» الذى كان الأبنودى يستمهله، كلما مررنا على المقبرة!.. جاء «الآن» بعد سنوات وسنوات!

جاء «الآن» أخيراً، بل أخيراً جداً، ليرحل هذا الشاعر الفذ، وليبقى لنا من بعده، أننا إذا كان علينا أن نختار عنواناً لحياته، فهذا العنوان هو: درس حى فى معنى الانتماء!

ذلك أنه إذا أراد أحد بيننا، أن يتعرف على حدود العلاقة الأمثل، بين المواطن، وبين وطنه، فليسترجع حياة الخال فى كل خطوة فيها.. كل خطوة دون استثناء!

GMT 05:50 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

هل لديك الشجاعة؟!

GMT 05:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

الأدوات السياسية

GMT 05:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

كيف نتصدى لإيران في الخليج؟

GMT 05:31 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"الممر"

GMT 05:28 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عيون وآذان (إسرائيل تتآمر على ما بقي من فلسطين)

GMT 02:12 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

«صاحبة الجلالة» ليست دائماً بريئة!

GMT 02:05 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرجيلة «حزب الله» وجمر إيران!

GMT 01:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

شرعية الإنجاز

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«الآن» يا خال «الآن» يا خال



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon