سليمان جودة
الذين شاهدوا حوار «مرسى» مع «الجزيرة»، مساء أمس الأول، لابد أنهم قد فركوا أعينهم أكثر من مرة، ليتأكدوا من أن الذى يتحدث أمامهم هو رئيس مصر، وأن التى يتحدث عنها هى مصر!
ولابد أيضاً، أن الحيرة التى وقعت فيها خديجة بن قنة، مقدمة البرنامج، كانت بالغة، فقد كانت المسكينة تنتقل بين ملفات الداخل مرة، والخارج مرات، لعل الدكتور مرسى يعترف بأن هناك مشكلة من أى نوع، فى أى ملف، ولكن دون جدوى!
ذلك أن الشىء الذى سوف تخرج به أنت، كمشاهد، من الحوار، أنه لا فوضى مطلقاً فى الشارع فى البلد، ولا انفلات أمنياًً بأى صورة فى أى مكان، ولا مشاكل أبداً مع المعارضة، ولا أزمة بتاتاً مع القضاء، ولا توتر مع الإعلام، ولا شد أو جذب مع الإمارات، ولا تسيير لرحلات السياحة مع إيران، ثم إلغاءها، ولا شىء يعكر صفو العلاقة مع الأقباط، ولا تربص مع الداخلية، ولا تحرش مع الجيش، ولا ملاحقة مع شباب الثورة، ولا.. ولا.. إلى آخر ما يعيشه كل مصرى على أرضه، ويعانيه فى كل لحظة، كما لم يسبق أن عاناه من قبل!
أتخيل خديجة بن قنة، وهى حائرة، ثم وهى تتساءل بينها وبين نفسها، عن طبيعة «الأصابع» الخارجية التى كانت تلعب فى البلد، قبل أسبوعين فقط، التى استفزت «مرسى» وقتها، لدرجة أنه حذر أصحابها أمام القمة العربية فى الدوحة، بما أثار سخرية واستياء الحاضرين، لا لشىء، إلا لأن القمة لا علاقة لها بالموضوع!
أتخيلها وهى تقول لنفسها، ما معناه، إذا كانت العلاقة مع الإمارات «سمن على عسل» هكذا، فما هى بالضبط، تلك الدولة التى كانت قد أطلقت أصابعها فى مصر، وأثارت جدلاً واسعاً قبل أسبوعين أو ثلاثة من الآن؟!
أتصورها وهى تتساءل عن طبيعة الجهة التى سيرت مظاهرات ضد القضاء، يوم الجمعة الماضى، إذا كانت العلاقة مع القضاة على هذا النحو الجميل الذى لا تشوبه شائبة فى كلام «مرسى» طوال الحوار؟!
أتصور المذيعة وقد «أُسقط فى يديها» بعد أن اكتشفت أنه لا مشكلة مطلقاً لدى الرئيس المصرى، مع أى جهة داخل بلده، أو أى دولة خارجها، وبالتالى، فما جدوى الحوار؟!
كانت الكاميرا تأتى أحياناً على عين «خديجة» وهى تتطلع لشىء ما، بعيداً عن «مرسى»، وأتصور أنها كانت تستطلع رأى فريق البرنامج معها، فى فائدة الحوار، إذا كانت «الدنيا ربيع والجو بديع» إلى هذا الحد عند مرسى؟!
كان «أوغلو»، وزير خارجية تركيا، قد ابتدع نظرية «تصغير المشاكل» بحلها أولاً بأول، واليوم اكتشفنا أن تصغيرها عند «مرسى» يعنى تجاهلها تماماً، فكأنها عنده لا وجود لها!
نقلاً عن جريدة " المصري اليوم "