مصر اليوم
هل هناك علاقة، من نوع ما، بين محمد عليه الصلاة والسلام، وبين محمد مرسى؟!
قد يبدو السؤال غريباً، وقد يتطوع واحد ويقول إن هناك علاقة طبعاً، لأن محمد الرئيس، إنما هو على دين محمد الرسول الكريم، ولأن كليهما يحمل الاسم نفسه، ولأن الدكتور مرسى ينتمى إلى جماعة تقول، منذ أكثر من 80 عاماً، إنها تعمل على نشر دعوة رسولنا العظيم فى أنحاء العالم، ولأن.. ولأن.. إلى آخر ما يمكن أن يقال فى هذا المقام.
ولكن.. هذا ما لم أقصده قطعاً، لأنه أمر معروف للجميع، وبما أنه كذلك فلا مبرر للانشغال به، لا لشىء إلا لأن عندنا ما هو أهم، كما سوف يتبين لنا حالاً!
نذكر بالطبع أن الجزيرة العربية، عندما بعث الله تعالى رسوله فيها، كانت غير الجزيرة العربية التى نعرفها اليوم، ليس من حيث موقعها، ولا جغرافيتها، ولا تضاريسها، فتلك كلها مسائل لم يتغير فيها شىء، ولا تزال كما هى، وكما كانت عليه يوم رآها الرسول الكريم، ويوم ودَّعها إلى ربه.. هى كما هى!
إننى أقصد البشر الذين كانوا فيها، يوم دعاهم هو إلى الإسلام، ثم يوم تركهم عليه.. فقبلها، أى قبل أن يدخلوا فى الدين الجديد وقتها، كانوا أشتاتاً متفرقة من البشر، ولم يكن يجمعهم شىء تقريباً، وكانوا قبائل متنافرة، لا يكادون يجتمعون على شىء، وكان عرب الشمال، فى الجزيرة، لا يحبون عرب الجنوب، وكان هؤلاء إذا التقوا مع أولئك فإنهم يتقاتلون، وكان الصراع بينهم هو القاعدة، وكان التلاقى هو الاستثناء، وكانت كل قبيلة منهم لها تقاليدها، وأعرافها، ومزاجها، وأملاكها، وأرضها، وعيون مائها، ومراعيها.
ولو كان البشر فى الجزيرة، فى ذلك الوقت، على خلاف هذه الصورة، لكانت مهمة الرسول الكريم سهلة للغاية، ولأن هؤلاء البشر كانوا مختلفين مع بعضهم البعض، وكانوا يتعاركون طول الوقت، وكان بعضهم يلاحق البعض الآخر أغلب وقتهم، فإن مهمة الرسول الجديد المبعوث فيهم كانت صعبة للغاية، وكادت تكون مستحيلة، لولا أن الذى تصدى لها هو محمد، ذلك الإنسان الفريد بين بنى آدم، قبل أن يكون الرسول الذى اختارته السماء.
عظمة محمد، عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام، أنه جمع هؤلاء الأشتات كلهم فى دولة ذات أساس راسخ، كما أن عظمته فى أنه جمعهم على كلمة واحدة، ورب واحد، ورسول واحد، ودين واحد، وبالإجمال دعاهم إلى شىء مشترك، فاستجابوا، بفضل حكمته، وإنسانيته، وسماحته، وصدق مقاصده.
محمد الرسول أقام دولة قوية تحت راية الإسلام، ومحمد الرئيس مزقها وفرق أبناءها تحت الراية نفسها!
نقلاً عن جريدة "المصري اليوم"