سليمان جودة
كان المستشار عدلى حسين، رئيس محكمة الاستئناف الأسبق، وهو رجل قانون محترم، قد ذكر فى حوار له مع «المصرى اليوم» أن الرئيس السابق حسنى مبارك، سوف يكون حراً بقوة القانون فى منتصف إبريل.
وعندما أصدر المستشار طلعت عبدالله، النائب العام، قراراً صباح الأحد بحبس «مبارك» 15 يوماً على ذمة التحقيق فى قضية حصوله هو وزوجته ونجليه، على أموال مخصصة للقصور الرئاسية، كان واضحاً من توقيت القرار، ومن نوعية التهمة، أن القصد هو مجرد إبقائه محبوساً بأى طريقة، وفى أى قضية وبصرف النظر عما إذا كانت القصة ستنطلى على العقل، أم أنها ستبدو متهافتة للغاية!
لست فى حاجة إلى إعادة التأكيد على أنى لم أكن مقرباً من الرئيس السابق، فى أى وقت، ولا سافرت معه على طائرة أبداً، ولذلك فلا كان لى نفع عنده فى الماضى، ولن يكون فى الحاضر طبعاً، ولا فى المستقبل بطبيعة الحال، ولذلك أيضاً لا أجد أى حرج فى أن أقف إلى جواره حين أراه مظلوماً، وأقف ضده عندما أراه ظالماً، ثم أقول بكل صراحة إن هذا القرار الأخير بحبس الرجل فى قضية هلامية كهذه، فيه من الكيد والتعسف والرغبة فى الانتقام، أكثر منه أى شىء آخر!
مرة نحاكمه على أنه حصل على فيلا فى شرم الشيخ ـ مثلاً ـ ومرة نقول إنه يملك أموالاً حجمها كذا فى الخارج، ثم لا يعود منها جنيه واحد حتى اليوم، ولن يعود، لأسباب ليس هذا هو مجال الخوض فيها الآن.. ومرة ثالثة نتكلم عن أموال كانت مخصصة لصيانة القصور الرئاسية، ولكنها دخلت جيبه، ومرة.. ومرة.. إلى آخر هذه الأشياء المضحكة، التى إن دلت على شىء حتى هذه اللحظة، فإنما تدل على أننا لسنا جادين فى أى شىء، وأننا مهرجون بامتياز.
لو كان الأمر فى يدى، لكنت قد عقدت محاكمة سياسية له، على أنه طوال 30 عاماً فى الحكم أهمل التعليم، ولم يضعه على رأس أولوياته كحاكم، فكانت الحصيلة الفادحة من نوع ما ترى الآن، فى الشارع وفى كل مكان على كل مستوى!
تخيل أنت ثلاثين عاماً من الحرص على أن يتلقى الطالب فى مدرسته، أو فى جامعته، خدمة تعليمية تجعله منافساً حقيقياً فى سوق العمل.. هل كان حال البلد سوف يكون عندئذ على ما هو عليه فى الوقت الحالى، وهل كنا سوف نسمع عن طلاب اقتحموا مكتب عميد تجارة الزقازيق، بسبب انخفاض معدلات النجاح بينهم، فنقلوا العميد بعدها إلى العناية المركزة، لأنه سمع شتائم من طلابه، يستحيل أن يكون أصحابها ممن تلقوا خدمة تعليمية حقيقية؟!.. وهل كنا سوف تصيبنا الصدمة فى كل صباح من مستوى سلوك المواطن فى كل موقع؟!
حبسه مؤخراً يدل على أن الحكاية عند الإخوان مجرد مسألة شخصية، وأنهم مشغولون بتفاصيل التفاصيل، وأن قضية الوطن كوطن ليست على جدول أولوياتهم، بمثل ما تعامل هو مع التعليم تماماً!!
سليمان جودة