مصر اليوم
نذكر جميعاً أن الدكتور مرسى كان قد أصدر قراراً بفرض حظر التجول فى محافظات القناة الثلاث، رداً على احتجاجات عنيفة فيها كانت قد انطلقت وقتها من بورسعيد، فى أعقاب صدور حكم بإدانة عدد من أبنائها، فى قضية مذبحة الاستاد الشهيرة.
وما نذكره أكثر أن المحافظات الثلاث قد استعصت على الحظر، ولم تمتثل له، ولم تأخذ به، ولم تنفذه، ربما فى سابقة لا مثيل لها، فى الحالات المشابهة، وسوف يظل ذلك فى عمومه له تأثيره العميق، وتداعياته النافذة، فيما بعد، ولكن هذا تحديداً ليس موضوعنا الآن، على كل حال.
فأنت حين تقارن هذه الأيام، بين ما كان «مرسى» قد أراد أن يحظره، ولم يتم حظره، وبين ما يجرى فى البنوك المصرية فيما يخص سعر الدولار المعلن من جانب البنك المركزى، فسوف تجد أن هناك علاقة من نوع ما من حيث المضمون، ومن حيث الفكرة، بين حظر هناك، وحظر هنا!
فالمفترض أن البنوك التى تعمل تحت إشراف مباشر من البنك المركزى لا خيار أمامها فى الالتزام بسعر الدولار المعلن من جانبه، أياً كان هذا السعر.
ولكن الحاصل فى الوقت الحالى، يقول بغير ذلك، والدليل عليه أنك إذا كنت مديناً لجهة من الجهات بالدولار، ثم ذهبت من تلقاء نفسك إلى البنك الذى تتعامل معه لتسدد مديونيتك، فإن البنك لسبب غير مفهوم وغير معقول يرفض أن يقبل منك قيمة المديونية بالجنيه المصرى، الذى هو عملة البلد الوطنية، ويصمم على أن تأتى له بقيمة المديونية بالدولار!
قد نفهم أن يرفض البنك، أى بنك، أن يبيع لك دولاراً تحتاجه، على أساس أن بين البائع والمشترى «يفتح الله» كما يقال.. ولكن.. أن تكون مديناً بعشرة آلاف دولار ـ مثلاً ـ ثم تقرأ أن سعر الدولار اليوم سبعة جنيهات، فتذهب بسبعين ألف جنيه إلى البنك وتطلب منه أن تسدد بها دينك واجب السداد، فيرفض، فهذا هو الغريب حقاً، وهذا هو العجيب، وهذا هو الشىء الذى لم نسمع عنه من قبل، ولا يمكن أن نتخيل أن تصل إهانة العملة الوطنية فى بنوكنا إلى هذا الحد!
الرد الذى سوف تسمعه من مسؤولى البنك، وهو يرفض جنيهاتك، أن عليك أن تدبر له قيمة مديونيتك، بالدولار نفسه، أو بأى عملة دولية أخرى معترف بها.. أما الجنيه فلا.. وألف لا!!
وكأننا، والحال هكذا، أمام حظر من نوع مختلف، فرضه هشام رامز، محافظ البنك المركزى، فيما يتعلق بالدولار وسعره، فإذا بالبنوك التى يشرف هو عليها تعتبره وكأنه لم يكن!