بقلم-سليمان جودة
لا يزال الرئيس التركى رجب طيب أردوغان يحلم بدخول بلاده عضواً في الاتحاد الأوروبى، ولكن تصويت لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الأوروبى، مؤخراً، لا بد أنه قد أصابه باليأس، والإحباط، وخيبة الأمل.. فالتصويت جاء بالأغلبية داعياً المفوضية الأوروبية، التي تمثل الأداة التنفيذية للاتحاد، إلى تعليق المفاوضات الجارية منذ سنوات بين تركيا والأوروبيين، حول دخول الأتراك عضواً في الكيان الأوروبى الكبير!.
وتصويت اللجنة يقول للرئيس التركى، إن دخول الاتحاد مسألة ليست سهلة، وإن لها ثمناً، وإن عليه أن يدفعه إذا شاء.. هذا إذا كان سيدخل أصلاً، حتى ولو دفع الثمن!.
وعندما أشار تقرير اجتماع اللجنة إلى أن أردوغان لا يحترم حقوق الإنسان ولا الحريات المدنية، وأنه يمارس تأثيراً من جانبه كسلطة تنفيذية على أعمال القضاء، وأنه يثير نزاعات إقليمية في المنطقة مع قبرص واليونان وغيرهما، كان معنى هذا أن عليه أن يتوقف عن هذا العبث كله، قبل التفكير في طرق الباب في أوروبا، وقبل أن يفكر في طلب بطاقة الدخول!.
ولا أحد يعرف كيف يمارس أردوغان ما يمارسه مع أنصار الداعية التركى فتح الله جولن، ثم يجد الجرأة في دق الباب الأوروبى طالباً إذن المرور!.
فمنذ وقعت محاولة الانقلاب عليه في منتصف عام ٢٠١٦، وهو لا يتوقف عن مطاردة كل تركى يراه من أنصار جولن، إلى الدرجة التي أعلنت معها وزارة العدل التركية قبل أيام، أن عدد أنصار الداعية الذين خضعوا للتحقيق منذ المحاولة قد بلغ نصف مليون مواطن!.
هذا بالطبع بخلاف الذين تعرضوا منهم للتشريد، والمطاردة، والاعتقال، لا لشىء، إلا لأن أردوغان يتصور أن جولن كان وراء محاولة الانقلاب.. وقد خرج جولن الموجود في أمريكا منذ ٢٠ سنة، وتكلم في الموضوع عند بدايته، فقال ما معناه، إنه مستعد للمثول أمام التحقيق، إذا قدمت الحكومة التركية دليلاً دامغاً واحداً يثبت أنه كان يقف فعلاً وراء المحاولة.. وهو ما لم يفعله أردوغان ولا فعلته حكومته!.
وهو لم يمتنع عن تقديم الدليل، وفقط، ولكنه رأى في كل تركى يؤمن بحركة «خدمة» التي يترأسها جولن متهماً، وربما مداناً، إلى أن يثبت في حقه العكس!.
وقد أدى هذا النهج العبثى من جانبه، ومن جانب حكومته وأجهزته، إلى انتهاكات صارخة في ملف حقوق الإنسان، الذي يمثل لدى الأوروبيين، ثم لدى الغرب عموماً، ملفاً ذا أهمية خاصة.. على الأقل من حيث الشكل!.
والسؤال هو: هل احترام حقوق الإنسان في تركيا يمكن وحده أن يفتح الطريق أمام أردوغان إلى أوروبا؟!.. إننى أشك!.. فالاهتمام بحقوق الإنسان في المنطقة هنا على مستوى الغرب هناك تحول من قضية إنسانية إلى قضية سياسية!.
نقلا عن المصري اليوم
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع