بقلم-سليمان جودة
الأهم من تقديم أي خدمة حكومية للمواطن، أن تكون الخدمة على مستوى معين من الجودة، وأن تكون لدى الحكومة أدواتها التي تستطيع بها قياس مدى جودة الخدمة، ومقدار رضا الجمهور المتلقى عنها، ثم حجم سعادته، أو عدم سعادته، وهو يتلقاها!
لهذا الكلام مناسبتان.. أما أولاهما فهى أنى قرأت تصريحاً قبل أيام للدكتورة هالة السعيد، وزيرة التخطيط، تقول فيه إن بوابة الحكومة الإلكترونية أصبح في إمكانها تقديم ٧٥ خدمة عامة للمواطنين، وإن خدمات حجز تذاكر القطارات، وتذاكر الطيران، وخدمات مخالفات المرور، على سبيل المثال، من بين هذه الخدمات العامة، وإن في القائمة خدمات أخرى قادمة!
والمناسبة الثانية أنى قرأت في اليوم نفسه أن الحكومة في دبى لم تشأ أن تقدم خدماتها لمواطنيها، والمقيمين على أرضها، بالدرجة العالية من الجودة التي نعرفها ونتابع أخبارها، وفقط، وإنما قررت اللجوء إلى طريقة فريدة لقياس مدى سعادة متلقى الخدمة بها!
والطريقة فريدة لأنها لا تفكر.. مثلاً.. في تعيين موظفين لهذا الغرض، بحيث يتولى كل واحد منهم سؤال عينة عشوائية من الجمهور، عما إذا كانت راضية عن الخدمة، أم غير راضية، وعما إذا كانت سعيدة أم تعيسة؟!.. فمثل هذه الطريقة غير مأمونة، وغير مضمونة، لأن الشخص الذي سيتلقى السؤال من الممكن أن يجيب بعكس الحقيقة، ظناً منه أن الموظف السائل يتبع جهة من الجهات في الدولة، وأنه سوف ينقل رأى المواطن، خصوصاً إذا كان سلبياً، إلى تلك الجهة!
وبالتالى إذا حدث هذا، فالحكومة من الوارد أن يصلها من جمهور خدمتها ما يناقض الحقيقة على طول الخط، فتبقى الخدمة دون المستوى، بينما الحكومة يصلها أنها ممتازة!
إمارة دبى قررت تثبيت كاميرات في أماكن تقديم كل خدمة عامة.. هذه الكاميرات ليست مختصة بالنواحى الأمنية، كما قد نتصور، ولكنها معنية برصد تعبيرات وجوه المواطنين بعد الحصول على الخدمة مباشرة، ثم تحليل التعبيرات، والوصول سريعاً من خلالها إلى التعرف بدقة بالغة، على مدى سعادة كل فرد حصل على أي خدمة من أي نوع، أو عدم سعادته بما تلقاه، وأخيراً تضع هذا كله أمام صانع القرار، فيعيد من جانبه النظر في نواحى القصور!
ومن حسن الحظ أن الدكتورة السعيد تتولى إلى جانب التخطيط، مهمة المتابعة أيضاً في الحكومة، وربما يتسع إطار هذه المهمة، ليجعل الوزارة قادرة ليس فقط على تقديم خدمات إلكترونية، ولكن قادرة على قياس مدى سعادة الناس بها.. فالخدمة الحكومية ليست هدفاً في حد ذاتها، ولكن الهدف ربط ولاء المواطن ببلده من خلالها!.
نقلا عن المصري اليوم
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع