بقلم-سليمان جودة
لا.. ليس هذا أبدًا ما ننتظره من الدكتور أمير نبيل، رئيس جهاز حماية المنافسة ومنع الاحتكار، في قضية استحواذ شركة أوبر على شركة كريم.. إن كل مصرى يستخدم سيارات الشركتين ينتظر من الدكتور نبيل شيئًا آخر.. ينتظر منه أن يضع أمام أوبر رسالةً واضحة تقول ما معناه إن لحم المصرى ليس رخيصًا، وإنه عند الضرورة سيجد من الجهاز وقوفًا جادًا إلى جواره، ودفاعًا عن حقوقه إذا ما تعرض لأى اعتداء!.
وكانت صحف الصباح قد قالت، أمس الأول، إن أوبر تستعد للاستحواذ على كريم.. وما كادت ساعات قليلة تمضى حتى كانت الأنباء تقول إن الاستحواذ تم بالفعل، بما يعنى أن أوبر قد اشترت كريم وانتهى الأمر!.
وعندما كانت عملية الشراء لاتزال في مرحلة التفاوض بين الشركتين، كان الدكتور أمير قد قال إن جهازه سبق أن أخطر الطرفين بالمخاوف المتوقعة في حالة اندماجهما، وإن هناك أضرارًا ستقع على العملاء، وإن ارتفاع الأسعار هو أبرز هذه الأضرار، وإن تأثيرًا سلبيًا سيقع كذلك على السائقين!.
وهذا بالطبع كلام جميل من رئيس الجهاز الوحيد المسؤول في البلد عن حماية المنافسة، وعن منع وقوع الاحتكار، لأن وقوعه يضر المواطن ويؤذيه لأبعد مدى!.
والآن.. بعد أن حدث الاندماج، وبعد أن تم الاستحواذ، أصبح صباع كل مواطن يستخدم أوبر واقعًا تحت ضرسها.. فلا منافس لها في السوق ولا مُنازع!.. لقد انفردت بها تفعل فيها ما تحب، وتتصرف في أنحائها كما تشاء.. فماذا سيفعل الجهاز؟!.. هذا هو السؤال.. وكيف يستطيع تحويل إخطاره المسبق للشركة إلى فعل، ليحمى المواطنين ويمنع وقوعهم فريسة في يد الشركة؟!.. هذا سؤال آخر!.
إننى لا أتكلم عن عميل واحد يتعامل مع أوبر، ولا أتكلم عن عشرة عملاء، ولا عن مائة، ولا عن ألف، ولا حتى عن عشرة آلاف، أو مائة ألف.. إننى أتكلم عن ملايين العملاء الذين يستخدمون سيارات الشركة على مدى ساعات اليوم، وهؤلاء بالتأكيد أمانة في يد الجهاز، ولا يمكن أن تنفرد بهم أوبر هكذا، أو أن يتحولوا بين يديها إلى لقمة سائغة.. إن دور الجهاز هو ضمان تقديم الشركة خدمة جيدة لهذا العدد الضخم من العملاء، وبسعر ليس فيه شبهة استغلال للمواطن، أو استيلاء على فلوسه دون وجه حق!.
عملاء الشركة يراهنون على أن يكون هذا الجهاز المختص سندًا لهم، وإلا فإن أوبر سوف تبيع فيهم وتشترى، وسوف تسوء الخدمة أكثر مما ساءت في الفترة الأخيرة، وسوف يرتفع السعر أكثر مما ارتفع أيضًا.. فلا تخذل مواطنيك يا دكتور أمير!.
نقلا عن المصري اليوم
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع