أسامة غريب
تابعت مباراة الأهلى والزمالك الأخيرة بعد الضجة التى أثيرت حول مكان إقامتها، وكنت قد توقفت عن مشاهدة مباريات الدورى منذ أعوام طويلة. المتابعة المحايدة دون مشاعر تجاه أى من الفريقين أتاحت لى أن أطلق العنان للامتعاض والاشمئناط من أن تكون هذه هى مباراة قمة بين أكبر فريقين مصريين. لا أنكر أننى تفاجأت بالمستوى الهابط، وشعرت بالحيرة من أن مرور السنين لا يغير من مستوانا الكروى شيئاً. من المعروف أن جمهور الكرة فى أى مكان بالعالم يشجع أنديته بصرف النظر عن موقعها على الخريطة العالمية، وقد نجد بعض الأندية فى بلاد مثل اليمن والهند وبروناى تحظى بجماهيرية طاغية، وتشجيع جنونى على الرغم من أن هذه البلاد بلا قيمة كروية من الأصل! ومن الواضح أن مسألة التشجيع هذه هى احتياج إنسانى يتعلق بالرغبة فى الانتماء والاندماج قبل أن تكون مكافأة من المتفرج لناديه، ويتفرع عن حكاية الانتماء هذه الفرح لانتصاره والحزن لهزائمه والوقوف إلى جانبه فى كبواته.. يفعلون هذا مع الفريق كما لو كان وطناً مصغراً وموئلاً للآمال والأحلام. ويمكن ملاحظة أن اختيار فريق لنشجعه لا يخضع لقاعدة أنه الأفضل والألمع، لكن فى بعض الأحيان تجد من يشجع فريقاً يعرف أنه لن يحقق شيئاً، ومع ذلك لا يفتر التمسك به والتعلق بأهدابه والتغنى بلاعبيه، وقد كان لى صديق قديم مهووس بتشجيع فريق الترسانة فى ذروة أمجاد الأهلى والزمالك.. كنا نندهش من أمره لأن الترسانة بالتحديد رغم تفوق بعض لاعبيه فى كل الأجيال كان نادياً قاهرياً بلا جماهير، فلا هو نادى بطولات ولا هو يمثل محافظة ترفعه فوق رأسها كالإسماعيلى والاتحاد والمصرى مثلاً، لكنه الحب والانتماء الذى يشبه أن تحب وطنك وهو فى أبأس حالاته.
السؤال الذى طرأ على بالى بعد مشاهدة مباراة الأهلى والزمالك هو: هل سنظل إلى الأبد فى نفس المستوى الرابع، ولن يُكتب لنا أبداً أن نرتقى ونصير من قوى المستوى الثالث؟. فى كرة القدم مستويات يعرفها المشاهدون وهى تظهر واضحة عند إقامة المونديال حين يقسمون الفرق المشاركة إلى مجموعات، ولا تكون المجموعات بالقرعة المطلقة خشية أن توقع القرعة منتخبات كألمانيا وهولندا والبرازيل والأرجنتين فى مجموعة واحدة، وإنما يضعون على رأس كل مجموعة واحدة من فرق المستوى الأول ولتكن إسبانيا مثلاً، ثم واحدة من فرق المستوى الثانى ولتكن السويد أو بلجيكا، علاوة على واحد من فرق المستوى الثالث كاليابان أو بيرو أو كولومبيا ثم يتبقى فريق من المستوى الرابع فيضعون واحداً من فرق مصر أو الجزائر أو السعودية أو الإمارات أو العراق أو موزمبيق أو ما شابه من القوى الكروية مهيضة الجناح!.
فى مشوار المنتخبات عبر السنين هبطت بعض القوى من المستوى الأول مثل المجر ومثل أورجواى التى سبق أن فازت بالمونديال مرتين، وارتقى بعضها فترك المستوى الرابع مثل المكسيك ونيجيريا والولايات المتحدة، وطوال الوقت هناك بين المنتخبات حراك وصعود وهبوط وتبادل للمواقع.. إلا الفرق العربية، لم تتزحزح عن المستوى الرابع قيد أنملة، ومازالت تتدحرج فى الدورى المحلى لكل منها مكتفية بوفاء الجماهير واحتياجها للدورى لتضع فيه أحلامها وإحباطها وغضبها المأمون!