توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

محاكمة نجم التحريض

  مصر اليوم -

محاكمة نجم التحريض

عبدالرحمن الراشد

لم نعرف اسمه بل كنا نعرفه بكنيته، أبو حمزة، مع أنه أشهر من نار على علم. مصطفى كمال مصطفى، يحاكم في نيويورك اليوم، كواحد من أخطر المحرضين المتطرفين في العالم. هناك كشفت عن شخصيته، كيف انقلب من أقصى العبثية إلى أقصى التطرف الديني. وفضحت المحاكمة شخصياته المتعددة؛ من عامل في ملهى ليلي، إلى متعامل مع المخابرات البريطانية، إلى زعيم متطرف. فقد ذراعيه وعينه في مشروع بناء طريق في باكستان لصالح الجيش الباكستاني وليس في نشاط جهادي، كما كان يزعم. عاد إلى بريطانيا وفرض نفسه إماما على مسجد فينزبري بارك في لندن، وصار أبرز محرض على العنف والكراهية. وكان من نجوم التلفزيون الذين شوهوا الإسلام وسمعة المسلمين، حتى صار الشرير الذي يصلح أن تخيف به الأمهات أطفالهن، بعصابة على العين ويدين من خطافين معدنيين. والآن يحاكم بتهم، بينها التآمر بالخطف في اليمن، وتأسيس معسكر إرهابي في الولايات المتحدة.
وليس غريبا أن يتقدم صفوف الجماعات المتطرفة، شخصيات جاءت من مجالات مناقضة للتدين، كباريهات وتجارة مخدرات ولصوصية. بعضهم تخرج في فصول التوعية الدينية في السجون، وبعضهم تاب توبة ثم تحول من التطرف إلى التطرف، وهؤلاء يتميزون بشخصيات جريئة، ومهارات إضافية.
وكما تسرب عن سيرته، فالرجل اتضح أنه تعامل لفترة مع المخابرات البريطانية، مستشارا لها، ولا نعرف عمق العلاقة إن كانت مجرد استشارات من شخص مختص بالجماعات الإسلامية المتطرفة، أم أنه كان مخبرا لها أيضا. فهل كان عميلا وغرر بالأبرياء والأشرار، أم أنه إرهابي وغرر بالمخابرات، لا ندري؟ وقد دأبت أجهزة الأمن على اختراق هذه الجماعات السرية، إما بتجنيد متطرفين من داخلها، أو بزرع أفراد يخترقونها، وهذا هو سلاحها السري الذي يمكن به الانتصار عليها. إنما تجنيد متطرفين هو سلاح من حدين، قد يكون سببا في زيادة المشكلة وإن نجح في الإمساك ببضعة أفراد، والمشكلة في محاربة الإرهاب هي الآيديولوجيا وليس الأفراد.
فقد بان أن عددا من المتطرفين جدا الذين كانوا يكتبون في مواقع الإنترنت في آواخر التسعينات، وما تلاها، ليسوا إلا مخبرين. كانوا أفخاخا نصبت لاختراق «القاعدة»، وتنظيمات الدعوة المتطرفة، في عمليات ذكية نجحت في الإمساك بعدد من الإرهابيين ومكنت من جمع معلومات ثمينة عن حلقاتهم ونشاطاتهم السرية.
إلا أن الجانب السيئ في استخدام هؤلاء المجندين والمزروعين، وبعضهم نجوم ومشاهير في حركة المتطرفين، أنهم يوسعون الدعوة للإرهاب، فيصبحون جزءا من المشكلة بالنسبة للمجتمع، وإن كانوا جزءا من الحل بالنسبة للأجهزة المكلفة برصدهم. ينشئون مواقع متطرفة، ويروجون لأفكار وفيديوهات تحريضية، وهي نشاطات سيئة قد تنجح في القبض على بعض الإرهابيين أو تفضح عملياتهم. وكم مرة داخلني الشك حيال تصرفات بعض كبار المحرضين، إن كانوا حقا متطرفين أو من المزروعين، خاصة الذين يبالغون في التحريض، مثل أبو حمزة. فقد كان يتحدى الشرطة ولا يبالي بأحد، ويصر على إقامة دروس التحريض وخطب الوعيد في الشارع، رغم أوامر المنع، على مرأى من ممثلي السلطات، ثم نراه الآن مستكينا متراجعا في محاكمة نيويورك، متبرئا من معظم أفعاله وأقواله. كم أضر كثيرا هذا الداعية الغامض بمجتمع المسلمين الذي عاش فيه ببريطانيا، وتسبب في تطرف العديد من الشباب، ورفع وتيرة التصادم.
وليس غريبا أن ينتقل أحدهم إلى المعسكر الآخر، فأسامة بن لادن نفسه كان من المدفوعين للعمل الجهادي في أفغانستان، ومن خدماته تسليم الأموال المنقولة للمنخرطين في تلك الحرب ضد السوفيات، وبتأثيرات قياديين مثل عبد الله عزام وأيمن الظواهري، وبعد أن جرب الزعامة، انقلب على رعاته وأصبح من عتاة الإرهابيين.
ونعود للتذكير بألا حل للتطرف إلا الحل الفكري، لا أمني ولا قضائي. وما لم يتم إنقاذ الإسلام من دعاته المتطرفين، ويوضع له منهج يرشد المجتمع إلى الاعتدال، فإن أزمة التطرف والإرهاب ستستمر مهما بلغت نجاحات الأمن وأساليبه.

"الشرق الأوسط"

GMT 05:50 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

هل لديك الشجاعة؟!

GMT 05:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

الأدوات السياسية

GMT 05:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

كيف نتصدى لإيران في الخليج؟

GMT 05:31 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"الممر"

GMT 05:28 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عيون وآذان (إسرائيل تتآمر على ما بقي من فلسطين)

GMT 02:12 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

«صاحبة الجلالة» ليست دائماً بريئة!

GMT 02:05 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرجيلة «حزب الله» وجمر إيران!

GMT 01:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

شرعية الإنجاز

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

محاكمة نجم التحريض محاكمة نجم التحريض



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon