توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

معضلة إيران بعد حلب

  مصر اليوم -

معضلة إيران بعد حلب

بقلم : عبد الرحمن الراشد

في سوريا يتجاوز عدد القوات الإيرانية سبعين ألفا ­ وهناك من يقدر أن الرقم ضعف ذلك. وتتشكل من قواتها مع ميليشيات تولت جلبها من أنحاء المنطقة وتقوم بدفع تكاليفها ­ تصارع منذ أشهر عديدة من أجل السيطرة على حلب٬ وهي توشك على ذلك أخيرا٬ من خلال تدمير شرق المدينة الصامدة٬ وتتقدم تحت القصف الروسي الذي يستهدفالمدنيين٬ وكلفت طائرات نظام الأسد برمي قنابل كيماوية٬ وغاز الكلور من أجل إفراغ المناطق قبل التقدم واحتلالها.

وأنا هنا لست بصدد إنكار احتمال سقوط حلب٬ أو استحالة طرد الدواعش من الرقة٬ بل الهدف توضيح الواقع الحقيقي وليس الدعائي في سوريا. فالحرب في سوريا أعمق وأكثر تعقيدا.

وحتى لو استولى الإيرانيون٬ وقوات الأسد٬ على حلب الشرقية٬ فإن سوريا لن تستقر٬ ولن تستكين للنظام الذي يقاتل منذ خمس سنوات٬ لأن أمامه سنوات عديدة حتى يفرض وجوده٬ وهو المشكوك فيه. وهذا ما يجعلنا نتساءل عن الحكمة وراء تصرفات حليفي النظام السوري٬ أي إيران وروسيا. هل ينويان الاستمرار لسنين مقبلة في مساندة النظام على الأرض بنفس القوة والخسائر٬ من أجل أن يظل في الحكم؟ هل يفضلان الحرب لسنوات أخرى على الحل السياسي الذي يمثل تنازلا متبادلا٬ أي نظاما مختلطا٬ من القديم والمعارضة دون القيادة الحالية؟

مثلا٬ عند استيلائهما على حلب الشرقية المهدمة٬ نتيجة القصف المجنون٬ الذي أف َر َغها من معظم سكانها٬ ما الذي سيفعله الإيرانيون والروس لاحقا٬ هل سيمضيان عام ٬2017 الذي هو على الأبواب٬ في القتال للاستيلاء على ما تبقى من بلدات سوريا٬ بما فيها ريف دمشق الذي لا يزال جزء منه تحت سيطرة الثوار؟ ثم ماذا بعد ذلك؟

كيف سيحكم النظام السوري دولة ممزقة٬ مليئة بالثارات ضده٬ وقواته لا تشكل سوى ثلاثين في المائة من القوات الحالية٬ حيث إن البقية هي قوات إيرانية٬ وميليشيات مجلوبة من العراق ولبنان وأفغانستان وباكستان وغيرها! فهل تنوي إيران الإبقاء على ميليشيات أجنبية وطائفية بسوريا في السنوات المقبلة من أجل تثبيت حكم الأسد؟ من المؤكد أن بقاء الميليشيات الطائفية سيكون جاذبا للمزيد من المقاتلين من أنحاء المنطقة والعالم٬ وستستمر الحرب. هذه هي المعضلة التي لا بد أن النظام في طهران اكتشفها متأخرا٬ فهو إن انتصر ورحل سيسقط النظام في دمشق٬ وإن استمر في الوجود عسكريا ستستمر الحرب بتكاليفها ومخاطرها الداخلية عليه.

أما لماذا يبالغ الغزاة في احتفالاتهم في نواحي حلب هذه الأيام٬ ويوحون بأنها نهاية الحرب؟ السبب أنهم في حاجة إلى رفع معنوياتهم داخل بلدانهم: إيران٬ وروسيا٬ وميليشيات «حزب الله» اللبنانية٬ وعصائب أهل الحق العراقية٬ وغيرها. الدعاية موجهة لشعوبهم والعالم الذي يتفرج منذ زمن على هذا الصراع٬ والذي عجزوا فيه عن الانتصار رغم ضخامة تسلّحهم في وجه معارضة محرم عليها الأسلحة النوعية.

لكن يدرك الإيرانيون٬ أكثر من الروس٬ أنهم متورطون في هذه الحرب الفاشلة٬ التي حتى لو كسبوا فيها الجولات الحالية٬ فإنها ستستمر وستجبرهم أخيرا على القبول بما استمروا يعارضونه ويقاتلون ضده٬ وهو الحل السياسي. أما حلفاؤهم الروس٬ الذين ينظرون إلى القتال في سوريا من منظور الصراع الدولي٬ فلن يجدوا غضاضة في الانسحاب فجأة٬ كما دخلوا فجأة٬ دون الالتفات إلى نتائج ذلك على دمشق وطهران.

وتبدو السياسة الإيرانية الحالية في المنطقة مختلفة عن السابق٬ كما لو أنها تهتم بالمكاسب السريعة٬ بعد أن اشتهرت سابقا بأنها ذات الاستراتيجية البعيدة المدى. نرى ذلك في الإصرار الإيراني على الانخراط في دوائر القتال في المنطقة٬ في العراق وسوريا وكذلك اليمن٬ مع أنه لا يوجد في أي منها ما يضمن لها٬ أي لإيران٬ تحقيق انتصارات نهائية. في سوريا سيدوم الاقتتال٬ ولن يستتب السلام في العراق بسبب تبني إيران مشروع القوى الطائفية٬ كما أن الفريق الموالي لإيران في اليمن٬ أي الحوثي٬ أصغر من أن يحقق الانتصار في النزاع هناك٬ وإن كان قادرا على إحداث الفوضى.

دول المنطقة الأخرى٬ قد تسكت على الهزيمة في حلب لكنها تعلم جيدا أن الحفرة السورية عميقة٬ ولن تخرج منها إيران إلا بثمن مكلف

المصدر : صحيفة الشرق الأوسط

GMT 05:50 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

هل لديك الشجاعة؟!

GMT 05:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

الأدوات السياسية

GMT 05:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

كيف نتصدى لإيران في الخليج؟

GMT 05:31 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"الممر"

GMT 05:28 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عيون وآذان (إسرائيل تتآمر على ما بقي من فلسطين)

GMT 02:12 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

«صاحبة الجلالة» ليست دائماً بريئة!

GMT 02:05 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرجيلة «حزب الله» وجمر إيران!

GMT 01:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

شرعية الإنجاز

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

معضلة إيران بعد حلب معضلة إيران بعد حلب



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon