توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

وفاة ثعلب طهران المحاصر

  مصر اليوم -

وفاة ثعلب طهران المحاصر

بقلم : عبد الرحمن الراشد

ليست صحيحة المرثيات التي تقول بأن نظام إيران بات في خطر بوفاة أحد أعمدته٬ هاشمي رفسنجاني. النظام خسر صقره منذ سنوات٬ تم نتف ريشه حتى أصبح بلا سلطة٬ ولا قيمة رسمية حقيقية٬ معزولا وتحت المراقبة. وتم إبعاد معظم رجالاته من صالونات الحكم٬ وسجنوا ابنته فائزة٬ ثم استدرجوا ابنه مهدي بأنه إن عاد من الخارج طواعية لن يحاسب٬ وأول ما نزل من سلم الطائرة اعتقل ورمي في السجن.

نظام إيران يأكل أبناءه منذ بدايات الثورة٬ حيث تآمر المتزاحمون على السلطة على الشاب القريب من آية الله خامنئي٬ أبو الحسن بني صدر٬ الذي فاز بالرئاسة٬ فهرب ليلا ولجأ إلى فرنسا٬ ولا يزال يخاف على نفسه. ثم أعدموا بالرصاص وزير خارجيتهم٬ وكان صوت الثورة٬ صادق قطب زاده. ووضعوا في الإقامة الجبرية قيادات من رفاق الثورة من آيات الله٬ وآخرهم مهدي كروبي ومير حسين موسوي٬ لأنهما اعترضا على التزوير وسوء السلطة. هؤلاء كلهم كانوا رجالات النظام وليسوا خصومه.

المعارضة الإيرانية تحدثت عن الاشتباه في ظروف وفاة رفسنجاني٬ لأنه كان يمارس نشاطه بحيوية٬ رغم عمره المتقدم٬ حتى آخر يوم قبل وفاته٬ لكن وإن كانت وفاته طبيعية٬ فالأكيد أن القيادة الحالية عملًيا قتلت رفسنجاني منذ سنوات٬ عندما ألغته من المشهد.

ما الذي فعله حتى يعاقب؟ لم يؤخذ عليه أي عمل أو موقف معاد للنظام٬ فقد كانت خلافاته مع القيادة على تفاصيل السياسة٬ وهي ليست سببا للخصومة؛ لأن المرشد الأعلى هو من يقرر. يخشون رفسنجاني لأن شرعيته تأتي بعد المرشد الأعلى٬ فهو ابن الثورة ومن أثرياء البازار وأقدم زعامات النظام٬ مما جعله هدفا لسهام منافسيه داخل قمرة القيادة. اتُهم أفراد عائلته دون اتهامه شخصيا٬ لأنه يملك شعبية في الشارع الإيراني التقليدي٬ وله علاقات دولية أكثر من أي من سياسيي طهران الآخرين٬ بناها بعد توليه الرئاسة ودعمه للصف «المعتدل» من مشايخ النظام٬ وساهم في إيصال محمد خاتمي للحكم.

الحكم في إيران لا يدار من أفراد٬ هو نظام ديني أمني يعمل جماعًيا٬ مثل النظم الشيوعية قدي ًما٬ بغض النظر عن المنصب والتراتبية٬ بمن فيهم رئيس الجمهورية٬ ويستثنى من ذلك شخص واحد٬ هو المرشد الأعلى الذي له الكلمة الأخيرة.

كان رفسنجاني ثعلبا سياسيا حتى قبل أن يتولى الرئاسة٬ وحرص على أن يرسم لنفسه صورة الزعيم المعتدل٬ مقارنة بالوجوه العابسة التي نراها في سرادقات الدولة٬ اليوم٬ وهذا لا يعني أنه كان معتدلا بمقاييس العالم خارج إيران. دعا رفاق الحكم إلى إنهاء الحصار الغربي على بلاده قبل سنوات من مفاوضات النووي التي أدت إلى نفس النتيجة التي كان يدعو إليها٬ لكن منافسيه لم يتراجعوا إلا بعد أن صار الحصار الاقتصادي عليهم قاسيا ويهدد بقاء النظام.

ثعلب طهران هو من قاد مشروع المصالحة مع دول الخليج في أعقاب حرب تحرير الكويت٬ وحرص على أن يذهب للأمير عبد الله بن عبد العزيز٬ رحمه الله٬ ولي العهد حينها٬ ورئيس الوفد السعودي في القمة الإسلامية في السنغال. ذهب إليه٬ صافحه٬ وصالح السعودية بعد حل مشكلة النزاع على حصة الحجاج الإيرانيين٬ بعد أن أصرت السعودية على تخفيضها من مائة وعشرين ألفا إلى سبعين ألف حاج٬ انسجاما مع قرار منظمة المؤتمر الإسلامي٬ وبعد عمليات التخريب التي مارستها بعثات الحج الإيرانية في مكة المكرمة. قبلت طهران بحصتها المخفضة٬ ووافقت المملكة على أن تجرى شعائر «البراءة» في منطقة أراضي البعثة الإيرانية التي تقيم فيها٬ وليس في الحرم أو جواره. وانتكست العلاقات من جديد عندما نفذت الاستخبارات الإيرانية عملية تفجير أبراج الخبر في السعودية التي قتل وجرح فيها عدد كبير من الأميركيين٬ جاء رفسنجاني للسعودية وأمضى فيها أسبوعين يحاول إصلاح ذات البين٬ وتم التصالح بين البلدين. ثم خربت العلاقات مرة ثالثة عندما تبّين أن طهران طرف في تفجيرات الرياض عام 2004 التي نفذت بناء على توجيهات من قيادات «القاعدة» المقيمة داخل إيران٬ الأمر الذي لم تنفه طهران عندما جوبهت بالأدلة٬ وادعت أنها جرت خلف ظهرها. وصار السعوديون٬ كبقية دول المنطقة٬ لا يثقون بوعود رفسنجاني٬ أو أي من قيادات النظام هناك.

وفاة رفسنجاني تثبت للعالم عجز طهران وفشل قيادتها في الانتقال من زمن الثورة إلى الدولة الحديثة المعتدلة.

المصدر : جريدة الشرق الأوسط

GMT 05:50 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

هل لديك الشجاعة؟!

GMT 05:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

الأدوات السياسية

GMT 05:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

كيف نتصدى لإيران في الخليج؟

GMT 05:31 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"الممر"

GMT 05:28 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عيون وآذان (إسرائيل تتآمر على ما بقي من فلسطين)

GMT 02:12 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

«صاحبة الجلالة» ليست دائماً بريئة!

GMT 02:05 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرجيلة «حزب الله» وجمر إيران!

GMT 01:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

شرعية الإنجاز

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

وفاة ثعلب طهران المحاصر وفاة ثعلب طهران المحاصر



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon